كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 4)

@ 54 @
نابذتك وكان رسوله عروة بن الزبير فقال ابن الحنفية بؤسا لأخيك ما ألجه فيما أسخط الله وأغفله عن ذات الله وقال لأصحابه إن ابن الزبير يريد أن يثور بنا وقد أذنت لمن أحب الانصراف عنا فإنه لا ذمام عليه منا ولا لوم فإني مقيم حتى يفتح الله بيني وبين ابن الزبير وهو خير الفاتحين فقام إليه أبو عبد الله الجدلي وغيره فأعلموه أنهم غير مفارقيه وبلغ خبره عبد الملك بن مروان فكتب إليه يعلمه أنه إن قدم عليه أحسن إليه وأنه ينزل إلى الشام إن أراد حتى يستقيم أمر الناس فخرج ابن الحنفية وأصحابه إلى الشام وخرج معه كثير عزة وهو يقول شعرا
( هديت يا مهدينا ابن المهتدي ... أنت الذي نرضى به ونرتجي )
( أنت ابن خير الناس من بعد النبي ... أنت إمام الحق لسنا نمتري )
( يا ابن علي سر ومن مثل علي )
فلما وصل مدين بلغه غدر عبد الملك بعمرو بن سعيد فندم على إتيانه وخافه فنزل أيلة وتحدث الناس بفضل محمد وكثرة عبادته وزهده وحسن هديه فلما بلغ ذلك عبد الملك ندم على إذنه له في قدومه بلده فكتب إليه أنه لا يكون في سلطاني من لم يبايعني فارتحل إلى مكة ونزل شعب أبي طالب فأرسل إليه ابن الزبير يأمره بالرحيل عنه وكتب إلى أخيه مصعب بن الزبير يأمره أن يسير نساء من مع ابن الحنفية فسير نساء منهن امرأة أبي الطفيل عامر بن واثلة فجاءت حتى قدمت عليه فقال الطفيل شعرا
( إن يك سيرها مصعب ... فإني إلى مصعب متعب )
( أقود الكتيبة مستلئما ... كأني أخو عزة أحرب )
وهي عدة أبيات وألح ابن الزبير على ابن الحنفية بالانتقال إلى مكة فاستأذنه أصحابه في قتال ابن الزبير فلم يأذن لهم وقال اللهم ألبس ابن الزبير لباس الذل والخوف وسلط عليه وعلى أشياعه من يسومهم الذي يسوم الناس ثم سار إلى الطائف فدخل ابن عباس على ابن الزبير وأغلظ له فجرى بينهما كلام كرهنا ذكره وخرج ابن عباس أيضا فلحق بالطائف ثم توفي فصلى عليه ابن الحنفية وكبر عليه أربعا وبقي ابن الحنقية حتى حصر الحجاج ابن الزبير فأقبل من الطائف فنزل الشعب فطلبه الحجاج ليبايع عبد الملك فامتنع حتى يجتمع الناس فلما قتل ابن الزبير كتب ابن الحنفية إلى عبد الملك يطلب منه الأمان له ولمن معه وبعث إليه الحجاج يأمره بالبيعة فأبى وقال

الصفحة 54