كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 4)

@ 6 @
إذا عرج فرسي وبعث زفر إليهم بخبز كثير وعلف ودقيق حتى استغنى الناس عن السوق إلا أن كان الرجل يشتري سوطا أو ثوبا ثم ارتحلوا من الغد وخرج إليهم زفر يشيعهم وقال لسليمان إنه قد سار خمسة أمراء من الرقة هم الحصين بن نمير وشرحبيل بن ذي الكلاع وأدهم بن محرز وجبلة بن عبد الله الخثعمي وعبيد الله بن زياد في عدد كثير مثل الشوق والشجر فإن شئتم دخلتم مدينتنا وكانت أيدينا واحدة فإذا جاءنا هذا العدو قاتلناهم جميعا فقال سليمان قد طلب أهل مصرنا ذلك منا فأبينا عليهم قال زفر فبادروهم إلى عين الوردة وهي رأس عين فاجعلوا المدينة في ظهوركم ويكون الرستاق والماء والمادة في أيديكم وما بيننا وبينكم فإنتم آمنون منه فاطووا المنازل فوالله ما رأيت جماعة قط أكرم منكم فإني أرجو أن تسبقوهم وإن قاتلتموهم فلا تقاتلوهم في فضاء ترامونهم وتطاعنونهم فإنهم أكثر منكم ولا آمن أن يحيطوا بكم فلا تقفوا لهم فيصرعوكم ولا تصفوا لهم فإنى لا أرى معكم رجالة ومعهم الرجالة والفرسان بعضهم يحمي بعضا ولكن القوهم في الكتائب والمقانب ثم بثوها فيما بين ميمنتهم وميسرتهم واجعلوا مع كل كتيبة أخرى إلى جانبها فإن حمل على احدى الكتيبتين رحلت الأخرى فنفست عنها ومتى شاءت كتيبة ارتفعت وما شاءت كتيبة انحطت ولو كنتم صفا واحدا فزحفت اليكم الرجالة فدفعتم عن الصف انتقض فكانت الهزيمة ثم ودعهم ودعا لهم ودعوا له وأثنوا عليه ثم ساروا مجدين فانتهوا إلى عين الوردة فنزلوا غربيها وأقاموا خمسا فاستراحوا وأراحوا
وأقبل أهل الشام في عساكرهم حتى كانوا من عين الوردة على مسيرة يوم وليلة فقام سليمان في أصحابه وذكر الآخرة ورغب فيها ثم قال أما بعد فقد أتاكم عدوكم الذي دأبتم إليه في السير آناء الليل والنهار فإذا لقيتموهم فأصدقوهم القتال واصبروا إن الله مع الصابرين ولا يولينهم امرؤ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ولا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تقتلوا أسيرا من أهل دعوتكم إلا أن يقاتلكم بعد أن تأسروه فإن هذه كانت سيرة علي في أهل هذه الدعوة ثم قال إن أنا قتلت فأمير الناس مسيب بن نجبة فإن قتل فالأمير عبد الله بن سعد بن نفيل فإن قتل فالأمير عبد الله بن وأل فإن قتل فالأمير رفاعة بن شداد رحم الله امرأ صدق ما عاهد الله عليه
ثم بعث المسيب في أربعمائة فارس ثم قال سر حتى تلقى أول عساكرهم فشن عليهم الغارة فإن رأيت ما تحبه وإلا رجعت وإياك أن تترك واحدا من أصحابك أو

الصفحة 6