كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 4)

@ 68 @
وكان أكثر معاشهم من النساء تأتي المرأة متخفية ومعها القليل من الطعام والشراب إلى أهلها ففطن مصعب بالنساء فمنعهن فاشتد على المختار وأصحابه العطش وكانوا يشربون ماء البئر يعملون فيه العسل فكان ذلك ما يروي بعضهم ثم إن مصعبا أمر أصحابه فاقتربوا من القصر واشتد الحصار عليهم فقال لهم المختار ويلكم إن الحصار لا يزيدكم إلا ضعفا فانزلوا بنا فنقاتل حتى نقتل كراما إن نحن قتلنا فوالله ما أنا بآيس إن صدقتموهم إن ينصركم الله فضعفوا ولم يفعلوا فقال لهم أما أنا فوالله لا أعطي بيدي ولا أحكمهم في نفسي وإذا خرجت فقتلت لم تزدادوا إلا ضعفا وذلا فإن نزلتم على حكمهم وثبت أعداؤكم فقتلوكم وبعضكم ينظر إلى بعض فتقولون يا ليتنا أطعنا المختار ولو أنكم خرجتم معي كنتم إن أخطأتم الظفر متم كراما فلما رأى عبد الله بن جعدة بن هبيرة ما عزم عليه المختار تدلى من القصر فلحق بناس من إخوانه فاختفى عندهم سرا ثم إن المختار تطيب وتحنط وخرج من القصر في تسعة عشر رجلا منهم السائب بن مالك الأشعري وكانت تحته عمرة بنت أبي موسى الأشعري فولدت له غلاما اسمه محمد فلما أخذ القصر وجد صبيا فتركوه فلما خرج المختار قال للسائب ماذا ترى قال ما ترى أنت قال ويحك يا أحمق إنما أنا رجل من العرب رأيت ابن الزبير قد وثب بالحجاز ورأيت ابن نجدة وثب باليمامة ومروان بالشام وكنت فيها كأحدهم إلا أني قد طلبت بثأر أهل البيت إذ نامت عنه العرب فقاتل على حسبك إن لم يكن لك نية فقال إنا لله وإنا إليه راجعون ما كنت أصنع أن أقاتل على حسبي
ثم تقدم المختار فقاتل حتى قتل قتله رجلان من بني حنيفة أخوان أحدهما طرفة والآخر طراف ابنا عبد الله بن دجاجة فلما كان الغد من قتله دعاهم بحير بن عبد الله المسكي ومن معه بالقصر إلى ما دعاهم المختار فأبوا عليه وأمكنوا أصحاب مصعب من أنفسهم ونزلوا على حكمه فأخرجوهم مكتفين فأراد اطلاق العرب وقتل الموالي فأبى أصحابه عليه فعرضوا عليه فأمر بقتلهم وعرض عليه بحير المسكي فقال لمصعب الحمد لله الذي ابتلانا بالأسر وابتلاك بأن تعفوا عنا هما منزلتان إحداهما رضا

الصفحة 68