كتاب مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (اسم الجزء: 4)

بريدة، أن رجلًا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- رَحَلَ إلى فَضَالة بن عُبيد، وهو بمصر، فقدم عليه، وهو يَمُدُّ لناقة له، فقال: مرحبًا، قال: أما إني لم آتك زائرًا، ولكن سمعت أنا وأنت حديثًا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رَجَوْتُ أن يكون عندك منه علم، قال: ما هو؟ قال كذا وكذا.
وأسند الخطيب من طريق نصر بن مرزوق، أبي الفتح المصريّ قال: سمعت عمرو بن أبي سلمة يقول: قلت للأوزاعيّ: أنا ألزمك منذ أربعة أيّام، ولم أسمع منك إلا ثلاثين حديثًا؟ قال: وتستقل ثلاثين حديثًا في أربعة أيام؟ لقد سار جابر بن عبد الله إلى مصر، واشترى راحلةً، وركبها حتى سأل عقبة بن عامر عن حديث واحد، وانصرف، وأنت تستقلّ ثلاثين حديثًا في أربعة أيام.
وممن ذُكر عنه الرحلة من التابعين ومن بعدهم ما أخرجه الخطيب بسنده عن مالك قال: قال سعيد بن المسيّب: إن كنت لأسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد.
قال مالك: وكان سعيد بن المسيّب يختلف إلى أبي هريرة -رضي الله عنه- بالشجرة، وهو ذو الحليفة.
وأخرج أحمد من طريق علي بن زيد، عن أبي عثمان، قال: بلغني عن أبي هريرة، أنه قال: إن الله عز وجل يعطي عبده المؤمن بالحسنة الواحدة ألف ألف حسنة، قال: فقضي أني انطلقت حاجًّا أو معتمرًا، فلقيته، فقلت: بلغني عنك حديث أنك تقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الله عز وجل يعطي عبده المؤمن الحسنة ألف ألف حسنة، قال أبو هريرة: لا، بل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الله عز وجل يعطيه ألفي ألف حسنة، ثم تلا: {يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40]، فقال: إذا قال: أجرًا عظيمًا، فمن يقدر قدره؟ (¬1).
¬__________
(¬1) في سنده علي بن زيد بن جدعان، وهو متكلّم فيه، لكن لم ينفرد به، بل تابعه زياد الجصّاص عند ابن أبي حاتم في تفسيره، وهو وإن تُكلم فيه إلا أنه يصلح للمتابعة، =

الصفحة 537