كتاب مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (اسم الجزء: 4)

وَسَلْ مِنْ رَبِّكَ التَّوْفِيقَ فِيهَا ... وَأَخْلِصْ في السُّؤَالِ إِذَا سَألْتَا
وَنَادِ إِذَا سَجَدْتَ لَهُ اعْتِرَافًا ... بِمَا نَادَاهُ ذُو النُّونِ ابْنُ مَتَّى
وَلاَزِمْ بَابَهُ قَرْعًا عَسَاهُ ... سَيَفْتَحُ بَابَهُ لَكَ إِنْ قَرَعْتَا
وَأَكْثِرْ ذِكْرَهُ في الأَرْضِ دَأْبًا ... لِتُذْكَرَ في السَّمَاءِ إِذَا ذَكْرْتَا
وَلاَ تَقُلِ الصِّبَا فِيهِ امْتِهَالٌ ... وَفَكِّرْ كَمْ صَغِير قَدْ دَفَنْتَا
وَقُلْ يَا نَاصِحِي بَلْ أَنْتَ أَوْلَى ... بِنُصْحِكَ لَوْ لِفِعْلِكَ قَدْ نَظَرْتَا
تُقَطِّعُنِي عَلَى التَّفْرِيطِ لَوْمًا ... وَبِالتَّفْرِيطِ دَهْرَكَ قَدْ قَطَعْتَا
وَفي صِغَرِي تُخَوِّفُنِي الْمنَايَا ... وَمَا تَدْرِي بِحَالِكَ حَيْثُ شِخْتَا
وَكُنْتَ مَعَ الصِّبَا أَهْدَى سَبِيلًا ... فَمَا لَكَ بَعْدَ شَيْبِكَ قَدْ نَكَثْتَا
وَهَا أَنَا لَمْ أَخُضْ بَحْرَ الْخطَايَا ... كَمَا قَدْ خُضْتَهُ حَتَّى غَرِقْتَا
وَلَمْ أَشْرَبْ حُمَيَّا أُمِّ دَفْرٍ (¬1) ... وَأنتَ شَرِبْتَهَا حَتَّى سَكِرْتَا
وَلَمْ أَنْشَأْ بِعَصْرٍ فِيهِ نَفْعٌ ... وَأَنْتَ نَشَأْتَ فِيهِ وَمَا انْتَفَعْتَا
وَلَمْ أَحْلُلْ بِوَادٍ فِيهِ ظُلْمٌ ... وَأَنْتَ حَلَلْتَ فِيهِ وَانْتَهَكْتَا
لَقَدْ صَاحَبْتَ أَعْلامًا كبَارًا ... وَلَمْ أَرَكَ اقْتَدَيْتَ بِمَنْ صَحِبْتَا
وَنَادَاكَ الْكِتَابُ فَلَمْ تُجِبْهُ ... وَنَبَّهَكَ الْمشِيبُ فَمَا انْتبَهْتَا
وَيَقْبُحُ بِالْفَتَى فِعْلُ التَّصَابِي ... وَأَقْبَحُ مِنْهُ شَيْخٌ قَدْ تَفَتَّى
وَنَفْسَكَ ذُمَّ لاَ تَذْمُمْ سِوَاهَا ... لِعَيْبٍ فَهْيَ أَجْدَرُ مَنْ ذَمَمْتَا
وَأَنْتَ أَحَقُّ بِالتَّفْنِيدِ مِنِّي ... وَلَوْ كُنْتَ اللَّبِيبَ لمَا نَطَقْتَا
وَلَوْ بَكَتِ الدِّمَا عَيْنَاكَ خَوْفًا ... لِذَنْبِكَ لَمْ أقلْ لَكَ قَدْ أَمِنْتَا
وَمَنْ لَكَ بِالأَمَانِ وَأنتَ عَبْدٌ ... أُمِرْتَ فَمَا ائْتَمَرْتَ وَلاَ أَطَعْتَا
¬__________
(¬1) "الحميّا": الخمر، والدفر: النتن، ومنه قيل للدنيا: أم دفر.

الصفحة 560