كتاب الكافية الشافية - ت العريفي وآخرون ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 4)
والقلب الئاني: قلث مضروب بسياط الجهالة، فهو عن معرفة ربه
ومحئته مصدود، وطريق معرفة أسمائه وصفاته كما أنزلت عليه مسدود، قد
قمش شبها من الكلام الباطل، وارتوى من ماء آجن غير طائل، تعبئ منه
ايات الصفات و حاديثها إلى الله عجيجأ، وتضج منه إلى منزلها ضجيجأ،
مما يسومها تحريفا وتعطيلا، ويولي معانيها تغييرا وتبديلا. قد أعد لدفعها
أنواعا من العدد، وهيأ لردها ضروبا من القوانين، وإذا دعي إلى تحكيمها
ابى واستكبر، وقال: تلك أدلة لفظية لا تفيد شيئأ من اليقين. قد اتخذ
التاويل جنة يتتزس بها من مواقع سهام السنة والقرآن، وجعل إثبات صفات
ذي الجلال تجسيمأ وتشبيهأ يصد به القلوب عن طريق العلم والايمان.
مزجى البضاعة من العلم النافع الموروث عن خاتم الرسل والانبياء،
لكنه مليء بالشكوك والشبه والجدال والمراء. خلع عليه الكلام الباطل خلعة
الجهل والتجهيل، فهو يتعثر في أذيال التكفير لاهل الحديث والتبديع لهم
والتضليل.
قد طاف على أبواب الاراء والمذاهب، يتكفف أربابها، فانثنى بأخسق
المواهب والمطالب. عدل عن الابواب العالية الكفيلة بنهاية المراد وغاية
الإحسان، فابتلي بالوقوف على الابواب السافلة المليئة بالخيبة والحرمان. قد
لبس حلة منسوجة من الجهل والتقليد والشبه والعناد، فإذا بذلت له
النصيحة، ودعي إلى الحق، اخذته العرة بالاثم، فحسبه جهنم ولبئس
المهاد.
فما أعظم المصيبة بهذا وأمثاله على الإيمان! وما أشذ الجناية به على
السئة والقران! وما أحتث جهاده بالقلب واليد واللسان إلى الرحمن! وما أثقل
أجر ذلك الجهاد في الميزان!
والجهاد بالحخة والبيان مقدم على الجهاد بالسيف والسنان. ولهذا أمر
به تعالى في السور المكية حيث لا جهاد باليد إنذارا وتعذيرا. فقال تعالى:
<فلا تطع الفرين جهدهم به جهادا! بيرا *> [الفرقان: 52]. وامر
تعالى بجهاد المنافقين والغلظة عليهم مع كونهم بين اظهر المسلمين في
10