كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 4)
فَذِي سُنَّةُ الإلَهِ فِي الخَلقِ قَدْ جَرَتْ ... فَيَمْتَحِنُ الأخْيَارَ بِالفِرْقَةِ اللَّوَمْ (¬1)
لِيَرْفَعَ قَدْرَهُمْ ويعْلِيَ ذِكرَهُمْ ... وَيَعْرِفَ فَضْلَهُمُ كَثِيرٌ مِنَ الأمَمْ
فَلَوْلاَ اشْتِعَالُ النَّارِ فِي العُودِ لَمْ يَفُحْ ... لَهُ عَرْفُهُ الشَّذِي لِمَنْ شَاءَ أنْ يَشَمْ
وَلَيْسَ احْتِجَابُ العُمْي لِلشَّمْسِ ضَائِرًا ... فَرِفْعَةُ قَدْرِهَا لِذِي البَصَرِ ارْتَسَمْ
فَقَدْرُ رَسُولِ اللهِ فِي الخَلقِ ظَاهِرٌ ... فَمَا ضَرَّهُ قَوْمٌ أَضَلُّ منَ البَهَمْ (¬2)
لَقَدْ رَفَعَ الإلَهُ قَدْرَ مُحَمَّدٍ ... فَقَرَّبهُ زُلفَى وَحَلَّاه بِالنِّعَمْ
وَيَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ شَافِعًا ... لِفَصْلِ القَضَا بِهَا فَمَا أَعْظَمَ الكَرَمْ
وَقَدْ شَرح اللَّطِيفُ صَدْرًا وَأوْدَعَهْ ... بَدَائِعَ حِكْمَة فَيَا وَيْلَ مَنْ هَضَمْ (¬3)
وَشَقَّ لَهُ البَدْرَ المُنِيرَ مِنَ السَّمَا ... وَشَاهَدَهُ كُلّ بِلَيل قَدِ ادْلَهَمْ
وَحَنَّ إلَيْهِ الجِذعُ لَوْلاَ احَتِضَانهُ ... لَمَا فَارَقَ البُكَا إلَى سَاعَةِ النَّدَمْ
شَكَى العِيرُ ضُرَّهُ وَسَلَّمَهُ الصَّفَا (¬4) ... فَيَا وَيْلَ أقْوَامٍ أَضَل منَ النَّعَمْ
رَسُولُ الهُدَى أحْيى القُلُوبَ بذكرِهِ ... قُلُوبَ ذَوِي الألبَابِ وَالنُّورِ وَالشَيمْ
هُوَ الرَّحْمَةُ المُهْدَاةُ لِلخَلقِ كَلُّهِمْ ... كَمَا أخْبَرَ اللهُ الكَرِيمُ فَليُغْتَنَمْ
فَمَنْ تَبِعَ الرَّسُولَ كَانَ مُعَزَّزًا ... بِذِي الدَّارِ، والأخْرَى مُعَافًى مِنَ النِّقَمْ
¬__________
(¬1) اللَّوَم محركة: كثرة العذل، وهو هنا على حذف مضاف، أي: ذوي اللوم، أو وُصفوا به مبالغة.
(¬2) محركَة، تُسكَّن هاؤه أيضًا: أولاد الضأن والمعز والبقر، أفاده في "القاموس".
(¬3) هَضَم من باب قتل: إذا كسر، ويقال: هضمه: إذا دفعه، وكسره، أفاده في "المصباح"، والمراد هنا انتهك حرمة النبي، ودنَّس عرضه، وانتهكه.
(¬4) جمع صَفَاة، وهو الحجر الصَّلد.
الصفحة 684