كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 4)

(فِضَّةٍ) دَرَاهِمَ أَوْ حُلِيًّا، (وَجَعْلِ طِينٍ) غَصَبَهُ (لَبِنًا) أَوْ آجُرًّا، (أَوْ فُخَّارًا) كَجِرَارٍ وَنَحْوِهَا؛ (رَدَّهُ) الْغَاصِبُ وُجُوبًا مَعْمُولًا؛ لِقِيَامِ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ فِيهِ، (وَ) رَدَّ (أَرْشَهُ إنْ نَقَصَهُ) ؛ لِحُصُولِ نَقْصِهِ بِفِعْلِهِ، وَسَوَاءٌ نَقَصَتْ عَيْنُهُ أَوْ قِيمَتُهُ أَوْ هُمَا، (وَلَا شَيْءَ لَهُ) - أَيْ: الْغَاصِبِ - (لِعَمَلِهِ فِيهِ) ، وَلَوْ زَادَ بِهِ؛ لِتَبَرُّعِهِ بِهِ؛ كَمَا لَوْ غَلَى زَيْتًا، فَزَادَتْ قِيمَتُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ شَرِيكًا فِي زِيَادَةِ الثَّوْبِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الصَّبْغَ عَيْنُ مَالٍ لَا يَزُولُ مِلْكُ مَالِكِهِ عَنْهُ بِجَعْلِهِ مَعَ مِلْكِ غَيْرِهِ.
وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَقَصَّرَهُ الْغَاصِبُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِأُجْرَةٍ، أَوْ شَاةً فَذَبَحَهَا وَشَوَاهَا؛ لَزِمَهُ رَدُّ ذَلِكَ وَأَرْشُ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ؛ لِتَعَدِّيهِ، وَذَبْحُ الْغَاصِبِ الشَّاةَ لَا يُحَرِّمُ أَكْلَهَا؛ لِأَنَّهَا مُزَكَّاةٌ مِمَّنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الزَّكَاةِ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ لِلْغَاصِبِ وَلَا غَيْرُهُ أَكْلُهَا وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهَا إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهَا كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ.
(وَلِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ) - أَيْ: الْغَاصِبِ - (عَلَى رَدِّ مَا أَمْكَنَ رَدُّهُ) مِنْ مَغْصُوبٍ (إلَى حَالَتِهِ) الَّتِي غَصَبَهَا عَلَيْهَا، كَمَسَامِيرَ ضَرَبَهَا نِعَالًا؛ فَلَهُ إجْبَارُهُ عَلَى رَدِّهَا مَسَامِيرَ كَمَا كَانَتْ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْغَاصِبِ فِي الْمَغْصُوبَةِ مُحَرَّمٌ فَمَلَكَ الْمَالِكُ إزَالَتَهُ مَعَ الْإِمْكَانِ، وَمَا لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ إلَى حَالَتِهِ الْأُولَى كَالْأَبْوَابِ وَالْفُخَّارِ وَالْآجُرِّ وَالشَّاةِ إذَا ذَبَحَهَا وَشَوَاهَا، وَالْحَبِّ طَحَنَهُ؛ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ إفْسَادُهُ، وَلَا لِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ.

(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الْغَاصِبُ) إنْسَانًا (عَلَى عَمَلِ شَيْءٍ مِنْهُ) - أَيْ: مِمَّا تَقَدَّمَ - (فَالْأَجْرُ عَلَيْهِ) ، وَالْحُكْمُ فِي زِيَادَتِهِ وَنَقْصِهِ كَمَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ النَّقْصِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، فَإِنْ جَهِلَ الْأَجِيرُ الْحَالَ، وَضَمِنَ الْغَاصِبُ؛ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ ضَمِنَ الْأَجِيرُ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ، وَإِنْ عَلِمَ الْأَجِيرُ الْحَالَ، وَضَمِنَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِهِ، وَإِنْ ضَمِنَ

الصفحة 22