كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 4)

تَتِمَّةٌ: وَإِنْ غَصَبَ دَجَاجَةً فَبَاضَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ حَضَنَتْ بَيْضَهَا، فَصَارَ فِرَاخًا؛ فَهُمَا لِمَالِكِهَا، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِي عَلَفِهَا، قَالَ أَحْمَدُ فِي طَيْرَةٍ جَاءَتْ إلَى دَارِ قَوْمٍ، فَازْدَوَجَتْ عِنْدَهُمْ وَفَرَّخَتْ يَرُدُّونَهَا وَفِرَاخَهَا إلَى أَصْحَابِ الطَّيْرَةِ.
قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": وَيَرْجِعُ إلَى رَبِّهَا بِمَا أَنْفَقَهُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ، وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى. وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ.

[فَصْلٌ يَضْمَنُ غَاصِبٌ نَقْصَ مَغْصُوبٍ بَعْدَ غَصْبِهِ وَقَبْلَ رَدِّهِ]
(فَصْلٌ: وَيَضْمَنُ) غَاصِبٌ (نَقْصَ مَغْصُوبٍ) بَعْدَ غَصْبِهِ وَقَبْلَ رَدِّهِ - (وَلَوْ) كَانَ النَّقْصُ (رَائِحَةَ مِسْكٍ أَوْ نَحْوَهُ) كَعَنْبَرٍ - لِأَنَّ قِيمَتَهُ تَخْتَلِفُ بِالنَّظَرِ إلَى قُوَّةِ رَائِحَتِهِ وَضَعْفِهَا، (أَوْ) كَانَ النَّقْصُ (بِنَبَاتِ لِحْيَةِ قِنٍّ) ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ فِي الْقِيمَةِ بِتَغَيُّرِ صِفَةٍ، أَشْبَهَ النَّقْصَ بِتَغَيُّرِ بَاقِي الصِّفَاتِ، وَكَذَا قَطْعُ ذَنَبِ حِمَارٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ فَرَسٍ إذْ الْقَصْدُ بِالضَّمَانِ جَبْرُ حَقِّ الْمَالِكِ بِإِيجَابِ قَدْرِ مَا فَوَّتَ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ فَاتَ الْجَمِيعُ لَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ، فَإِذَا فَاتَ مِنْهُ شَيْءٌ وَجَبَ قَدْرُهُ مِنْ الْقِيمَةِ؛ كَغَيْرِ الْحَيَوَانِ، وَإِنْ غَصَبَ قِنًّا فَعَمِيَ عِنْدَهُ؛ قُوِّمَ صَحِيحًا ثُمَّ أَعْمَى، وَأُخِذَ مِنْ غَاصِبٍ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، وَكَذَا لَوْ نَقَصَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ شَجَّةٍ.

(وَإِنْ) غَصَبَ عَبْدًا وَ (خَصَاهُ) هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ بِخُصَاهُ لَهُ، أَوْ أَزَالَ) مِنْهُ (مَا تَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ) كَامِلَةٌ (مِنْ حُرٍّ) كَأَنْفِهِ أَوْ لِسَانِهِ أَوْ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ؛ (رَدَّهُ) عَلَى مَالِكِهِ، (وَ) رَدَّ (قِيمَتَهُ) كُلَّهَا نَصًّا، وَلَا يَمْلِكُهُ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْمُتْلَفَ الْبَعْضُ، فَلَا يَتَوَقَّفُ ضَمَانُهُ عَلَى زَوَالِ الْمِلْكِ؛ كَقَطْعِ خُصْيَتَيْ ذَكَرٍ مُدَبَّرٍ، وَلِأَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ الْمُفَوِّتُ، فَلَا يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْ غَيْرِهِ بِضَمَانِهِ؛ كَمَا لَوْ قَطَعَ تِسْعَ أَصَابِعَ.

(وَإِنْ قَطَعَ) غَاصِبٌ مِنْ رَقِيقٍ مَغْصُوبٍ (مَا فِيهِ مُقَدَّرٌ) مِنْ حُرٍّ (دُونَ الدِّيَةِ) الْكَامِلَةِ؛ كَقَطْعِ يَدٍ أَوْ جَفْنٍ أَوْ هُدْبٍ وَنَحْوِهِ؛ فَعَلَى غَاصِبٍ (أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ) مِنْ دِيَةِ الْمَقْطُوعِ أَوْ نَقْصِ قِيمَتِهِ؛ لِوُجُودِ سَبَبِ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَوَجَبَ أَكْثَرُهُمَا، وَدَخَلَ فِي الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ وَالْيَدَ وُجِدَا فِيهِ جَمِيعًا.
فَلَوْ غَصَبَ

الصفحة 25