كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 4)

وَجَهِلَ الْحَالَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى ضَمَانِهَا، بِخِلَافِ قِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ فَتَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ؛ لِدُخُولِهِ عَلَى ضَمَانِهَا، (وَ) يَرْجِعُ (غَاصِبٌ) غَرَّمَ الْمَالِكُ الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ عَلَيْهِ - أَيْ: عَلَى مُسْتَأْجِرٍ - (بِقِيمَةِ مَنْفَعَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ الْعَيْنَ أَوْ الْمَنْفَعَةَ مَعًا؛ رَجَعَ الْغَاصِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِقِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ ضَمِنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ؛ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْعَيْنِ.
(وَيَسْتَرِدُّ مُتَمَلِّكٌ وَمُسْتَأْجِرٌ) مِنْ غَاصِبٍ إذَا (لَمْ يُقِرَّ بِالْمِلْكِ) لِلْغَاصِبِ (مَا دَفَعَاهُ لَهُ مِنْ الْمُسَمَّى) فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ ثَمَنٍ وَأُجْرَةٍ، (وَلَوْ عَلِمَا) - أَيْ: المستملك وَالْمُسْتَأْجِرُ - (الْحَالَ) ؛ أَيْ: كَوْنَ الْعَيْنِ الْمُتَمَلَّكَةِ أَوْ الْمُؤَجَّرَةِ مَغْصُوبَةً؛ لِانْتِفَاءِ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ غَيْرُ مَالِكٍ وَغَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ مِنْ قِبَلِ الْمَالِكِ، فَلَا يَمْلِكُ الثَّمَنَ وَلَا الْأُجْرَةَ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْقِيمَةُ الَّتِي ضُمِنَتْ لِلْمَالِكِ وَفْقَ الثَّمَنِ أَوْ دُونَهُ أَوْ فَوْقَهُ، مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ هُنَا.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي " الْقَوَاعِدِ ": لَوْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِالْمِلْكِ؛ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّ قَوْلَ الْمُدَّعِي: اشْتَرَيْته مِنْ زَيْدٍ، وَهُوَ مِلْكُهُ؛ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ إذَا انْتَزَعَهُ الْمُدَّعِي، وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِأَنْ يَحْمِلَ مَا يَأْتِي مَا إذَا أَقَرَّ بِالْمِلْكِ جَاهِلًا بِالْحَالِ، وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ، فَيَرْجِعُ مَعَ الْجَهْلِ، لَا مَعَ الْعِلْمِ؛ فَلَا مُعَارَضَةَ إذَنْ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ بَقَاءِ كُلٍّ مِنْ الْكَلَامَيْنِ عَلَى عُمُومِهِ؛ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ خُصُوصًا. وَظَاهِرُ " الْإِقْنَاعِ " الرُّجُوعُ فِي الْكُلِّ، فَغَايَةُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَفْهُومَهُ هُنَا فِيهِ تَفْصِيلٌ دَلَّ عَلَيْهِ مَنْطُوقُ مَا يَأْتِي، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الرُّجُوعَ فِيمَا إذَا جُهِلَ الْحَالُ سَوَاءٌ أَقَرَّ أَمْ لَا، أَوْ عَلِمَا الْحَالَ وَلَمْ يُقِرَّ، فَارْتَفَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ، وَالنِّزَاعُ بَيْنَ الْمُصَنِّفِ وَصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَأْجِرُ عَالِمًا مُقِرًّا بِالْمِلْكِ. " فَالْإِقْنَاعُ " عَلَى الرُّجُوعِ، وَالْمُصَنِّفُ عَلَى عَدَمِهِ، فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: خِلَافًا لَهُ، وَلَوْ طَالَبَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ

الصفحة 39