كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 4)

بِمَا ضَمِنُوا إلَّا حِصَّتَهُمْ مِنْ الرِّبْحِ، فَلَا يَرْجِعُونَ بِضَمَانِهَا؛ لِدُخُولِهِمْ عَلَى ضَمَانِهَا عَلَيْهِمْ بِالْعَمَلِ كَذَلِكَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُسَاقِي، وَالْمُزَارِعُ نَظِيرُهُ، وَأَمَّا الْمُضَارِبُ وَالشَّرِيكُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِمْ ضَمَانُ شَيْءٍ بِدُونِ الْقِسْمَةِ، سَوَاءٌ قُلْنَا: مَلَكُوا الرِّبْحَ بِالظُّهُورِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ حِصَّتَهُمْ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ، وَلَيْسَ لَهُمْ الِانْفِرَادُ بِالْقِسْمَةِ؛ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُمْ شَيْءٌ مَضْمُونٌ.

(وَ) يَرْجِعُ (غَاصِبٌ) غَرِمَ لِمَالِكٍ عَلَى عَامِلٍ (بِمَا قَبَضَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ مِنْ رِبْحٍ) فِي مُضَارَبَةٍ، وَبِمَا قَبَضَ مِنْ (ثَمَرِ مُسَاقَاةٍ) وَمِنْ زَرْعٍ فِي مُزَارَعَةٍ، بِقِسْمَةِ الرِّبْحِ أَوْ الثَّمَرِ أَوْ الزَّرْعِ مَعَ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَا قَبَضَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِفَسَادِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْعَامِلِ مُطَالَبَةَ الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فِي الْمَالِ أَوْ الشَّجَرِ، فَلَا يَجْتَمِعُ لَهُ ذَلِكَ مَعَ الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ لَهُ مِنْ الْمَالِ وَالثَّمَرِ، وَكَذَا لَوْ فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ أَوْ الْمُسَاقَاةُ مِنْ الْمَالِكِ بِأَيِّ مُفْسِدٍ كَانَ.

الثَّامِنَةُ: يَدُ الْمُتَزَوِّجِ لِلْأَمَةِ الْمَغْصُوبَةِ مِنْ الْغَاصِبِ إذَا قَبَضَهَا مِنْ الْغَاصِبِ بِمُقْتَضَى عَقْدِ النِّكَاحِ، وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ مَاتَتْ عِنْدَهُ، وَذَكَرهَا بِقَوْلِهِ: (وَفِي نِكَاحٍ يَرْجِعُ زَوْجٌ) غَرَّمَ الْمَالِكُ (بِقِيمَتِهَا) وَأَرْشِ بَكَارَةٍ وَنَقْصِ وِلَادَةٍ (وَقِيمَةِ وَلَدٍ شُرِطَ حُرِّيَّتُهُ) فِي الْعَقْدِ عَلَى الْغَاصِبِ ظَانًّا أَنَّهَا مِلْكُهُ (أَوْ لَا) ؛ أَيْ: أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ حُرِّيَّتُهُ، (وَمَاتَ) الْوَلَدُ بِيَدِ الزَّوْجِ إذَا غَرَّمَهُ إيَّاهَا الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ عَدِمَ رِقَّهُ، لَكِنَّهُ دَخَلَ مَعَ الْغَاصِبِ عَلَى أَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْوَلَدِ، فَإِذَا غَرِمَ ذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ.
(وَ) يَرْجِعُ (غَاصِبٌ) عَلَى زَوْجٍ إنْ غَرِمَ (بِمَهْرِ مِثْلٍ) أَغْرَمَهُ إيَّاهُ الْمَالِكُ؛ لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ وَدُخُولِهِ عَلَى ضَمَانِ الْبُضْعِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ (لَا) يَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الزَّوْجِ (بِأَرْشِ بَكَارَةٍ) غَرِمَهَا لِلْمَالِكِ حَيْثُ جَهِلَ الزَّوْجُ الْغَصْبَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ عَلَى ضَمَانِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أُلْزِمَ بِهِ

الصفحة 43