كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 4)

وَكَسْبُهَا لَهَا، وَلَا تَنْفَسِخُ كِتَابَتُهَا بِاسْتِيلَادِهَا (وَإِنْ مَاتَ) سَيِّدُهَا (وَعَلَيْهَا شَيْءٌ) مِنْ كِتَابَتِهَا (سَقَطَ، وَعَتَقَتْ) لِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ (وَمَا بِيَدِهَا لِوَرَثَتِهِ) ؛ أَيْ: السَّيِّدِ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ (وَلَوْ لَمْ تَعْجِزْ) لِأَنَّهَا عَتَقَتْ بِغَيْرِ أَدَاءً (وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ سَيِّدٌ مُكَاتَبَهُ) فَلَهُ كُلُّ مَا بِيَدِهِ (وَعِتْقُهُ) ؛ أَيْ: السَّيِّدِ لِمُكَاتَبِهِ فَسْخٌ لِلْكِتَابَةِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا بِصَيْرُورَتِهِ حُرًّا، وَلَوْ كَانَ عِتْقُهُ (فِي غَيْرِ كَفَّارَةٍ) وَيَصِحُّ عِتْقُهُ فِي الْكَفَّارَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَدَّى شَيْئًا مِنْ كِتَابَتِهِ، وَيَأْتِي.

(وَمَنْ كَاتَبَهَا شَرِيكَانِ) فِيهَا (ثُمَّ) وَطِئَهَا أَحَدُهُمَا، أُدِّبَ فَوْقَ أَدَبِ وَاطِئِ الْمُكَاتَبَةِ الْخَالِصَةِ لَهُ؛ لِأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مُكَاتَبَةً وَمِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مُشْتَرَكَةً، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ الْخَالِصَةِ، وَعَلَيْهِ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَهَا، فَإِذَا تَلِفَتْ بِالْوَطْءِ؛ لَزِمَ مُتْلِفَهَا بَدَلُهَا، وَهُوَ الْمَهْرُ وَإِنْ (وَطِئَاهَا) ؛ أَيْ: الشَّرِيكَانِ (فَلَهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (الْمَهْرُ) فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَعَلَى الْوَاطِئِ الْأَوَّلِ مَهْرُ بِكْرٍ، وَعَلَى الْوَاطِئِ الْآخَرِ مَهْرُ ثَيِّبٍ اعْتِبَارًا بِالْحَالِ الَّتِي وَطِئَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَيْهَا (وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا) فَوَلَدُهُ حُرٌّ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ؛ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَ (صَارَتْ) الْمُكَاتَبَةُ (أُمَّ وَلَدِهِ) لِأَنَّهَا عُلِّقَتْ بِحُرٍّ فِي شَيْءٍ يَمْلِكُ بَعْضَهُ، وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلسِّرَايَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى مِنْ الْعِتْقِ، بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مِنْ الْمَجْنُونِ (وَلَوْ لَمْ تَعْجِزْ) فَتَبْقَى عَلَى كِتَابَتِهَا فِي نَصِيبِهِ، وَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ عَلَى كِتَابَتِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى نِصْفَهَا مِنْ شَرِيكِهِ (وَيَغْرَمُ) مَنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ (لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ حِصَّتِهِ) مِنْهَا مُكَاتَبَةً؛ لِسَرَيَانِ الِاسْتِيلَادِ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْلِدُ مُوسِرًا بِنِصْفِ قِيمَتِهَا أَدَّاهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يُوسِرَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (وَ) يَغْرَمُ الْمُسْتَوْلِدُ لِشَرِيكِهِ (نَظِيرَهَا) ؛ أَيْ: حِصَّتِهِ (مِنْ وَلَدِهَا) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي سَبِيلِ هَذَا النِّصْفِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِشَرِيكِهِ فَقَدْ أَتْلَفَ رِقَّهُ عَلَيْهِ.
قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهَا فِي " التَّصْحِيحِ " وَالنَّظْمِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " " وَالْمُنْتَهَى " وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ

الصفحة 746