كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 4)

[بَابُ أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ]
(بَابُ أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ) أَصْلُ أُمٍّ أَمْهَةٌ، وَلِذَلِكَ جُمِعَتْ عَلَى أُمَّهَاتٍ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ وَقِيلَ الْأُمَّهَاتُ لِلنَّاسِ، وَالْأُمَّاتُ لِلْبَهَائِمِ، وَالْهَاءُ فِي أَمْهَةٍ زَائِدَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَيَجُوزُ التَّسَرِّي إجْمَاعًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] وَاشْتُهِرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَدَ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةَ» ، وَعَمِلَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ عُمَرُ وَعَلِيٌّ. وَأُمُّ الْوَلَدِ شَرْعًا هِيَ (مَنْ وَلَدَتْ وَلَوْ) كَانَتْ وِلَادَتُهَا (بِتَحَمُّلٍ) بِأَنْ تَحَمَّلَتْ مَاءَ سَيِّدِهَا، فَعَلِقَتْ مِنْهُ، وَوَلَدَتْ (مَا فِيهِ صُورَةٌ، وَلَوْ) كَانَتْ الصُّورَةُ (خَفِيَّةً مِنْ مَالِكٍ) مُتَعَلِّقٌ بِوَلَدَتْ (وَلَوْ) كَانَ مَالِكًا (بَعْضَهَا) وَلَوْ جُزْءًا يَسِيرًا (أَوْ) كَانَ مَالِكُهَا أَوْ بَعْضِهَا (مُكَاتَبًا) لِصِحَّةِ مِلْكِهِ، لَكِنْ لَا يَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ حَتَّى يَعْتِقَ، وَمَتَى عَجَزَ، وَعَادَ إلَى الرِّقِّ؛ فَهِيَ أَمَةُ قِنٍّ، وَلَا يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ بَيْعَهَا (أَوْ) كَانَ أَوْلَدَهَا (سَيِّدُهُ) ؛ أَيْ: سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْكِتَابَةِ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ، فَإِذَا وَطِئَ فَقَدْ وَطِئَهَا فِي مِلْكِهِ (أَوْ) كَانَتْ الْمُسْتَوْلَدَةُ (مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: عَلَى سَيِّدِهَا الَّذِي أَوْلَدَهَا كَأُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ، وَكَمَجُوسِيَّةٍ وَوَثَنِيَّةٍ، وَكَوَطْئِهَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ (أَوْ) وَلَدَتْ مِنْ (أَبِ مَالِكِهَا) لِأَنَّهَا حَمَلَتْ مِنْهُ بِحُرٍّ لِأَجَلِ شُبْهَةِ الْمِلْكِ، فَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ كَالْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ (إنْ لَمْ يَكُنْ الِابْنُ وَطِئَهَا) نَصًّا. قَالَ الْقَاضِي: فَظَاهِرُهُ إنْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وَطِئَهَا؛ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَبِ بِاسْتِيلَادِهَا؛ لِأَنَّهَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا بِوَطْءِ ابْنِهِ لَهَا، وَلَا تَحِلُّ لَهُ بِحَالٍ، فَأَشْبَهَ وَطْءَ الْأَجْنَبِيِّ، فَلَا يَمْلِكُهَا، وَلَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَيَعْتِقُ عَلَى

الصفحة 767