كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 4)

أَخِيهِ؛ لِأَنَّهُ ذُو رَحِمِهِ، وَنَسَبُهُ لَاحِقٌ بِالْأَبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءٍ يُدْرَأُ فِيهِ الْحَدُّ؛ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ.
(وَتُعْتَقُ) أُمُّ الْوَلَدِ (بِمَوْتِهِ) ؛ أَيْ: مَوْتِ سَيِّدِهَا مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كَافِرَةً، عَفِيفَةً كَانَتْ أَوْ فَاجِرَةً، وَكَذَا حُكْمُ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهَا بِسَبَبِ اخْتِلَاطِ دَمِهَا بِدَمِهِ وَلَحْمِهَا بِلَحْمِهِ، فَإِذَا اسْتَوَيَا فِي النَّسَبِ اسْتَوَيَا فِي حُكْمِهِ (وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهَا) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ، فَوَلَدَتْ؛ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ
وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ: «ذُكِرْت أُمُّ إبْرَاهِيمَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَلِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ إتْلَافٌ حَصَلَ بِسَبَبِ حَاجَةٍ أَصْلِيَّةٍ، وَهِيَ الْوَطْءُ، فَكَانَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَرِيضٍ (وَ) إذَا عَتَقَتْ أُمُّ الْوَلَدِ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا فَ (مَا فِي يَدِهَا لِوَرَثَتِهِ) لِأَنَّهُ كَانَ لِلسَّيِّدِ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَيَكُونُ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ (غَيْرَ ثِيَابِ لُبْسٍ مُعْتَادٍ) فَإِنَّهَا لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ، وَكَذَا لَوْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ بِتَدْبِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَوُجُودِ صِفَةٍ عُلِّقَ الْعِتْقُ عَلَيْهَا؛ فَمَا بِيَدِهَا لِسَيِّدِهَا، وَثِيَابُ اللُّبْسِ الْمُعْتَادِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ، فَكَذَا فِي الْعِتْقِ.

(وَلَوْ وَطِئَهَا) أَيْ: أُمَّ الْوَلَدِ (وَارِثٌ) بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا، وَكَانَ وَطْؤُهُ لَهَا (عَمْدًا؛ فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ (لِأَنَّهُ لَمْ يُرْجِعْ عِتْقَهَا) بِمَوْتِ سَيِّدِهَا، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ؛ لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ بَيْعِهَا. قَالَ فِي " الْفُنُونِ ": يَجُوزُ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَإِجْمَاعُ التَّابِعِينَ لَا يَرْفَعُهُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
قَالَ فِي " الْفَائِقِ ": وَهُوَ الْأَظْهَرُ قَالَ: فَتُعْتَقُ بِوَفَاةِ سَيِّدِهَا مِنْ نَصِيبِ وَلَدِهَا إنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ أَوْ بَعْضُهَا مَعَ عَدَمِ سَعَتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ، فَكَسَائِرِ رَقِيقِهِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ مِنَّا فَتَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ، فَأَرَادَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ أَنْ يَبِيعَهَا فِي دَيْنِهِ، فَأَتَيْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: إنْ كَانَ لَا بُدَّ، فَاجْعَلُوهَا مِنْ نَصِيبِ أَوْلَادِهَا،

الصفحة 768