كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 4)

يُزِيدُ فِي الْوَلَدِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد كَيْفَ يُورَثُهُ، وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ ، أَمْ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ، وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ ، يَعْنِي إنَّهُ اسْتَلْحَقَهُ، وَشَرِكَهُ فِي مِيرَاثِهِ؛ لَمْ يَحِلَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدِهِ، وَإِنْ اتَّخَذَهُ مَمْلُوكًا يَسْتَخْدِمُهُ؛ لَمْ يَحِلَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ شَرِكَ فِيهِ؛ لِكَوْنِ الْمَاءِ يَزِيدُ فِي الْوَلَدِ

(وَيَصِحُّ قَوْلُهُ) أَيْ: السَّيِّدِ (لِأَمَتِهِ: يَدُك أُمُّ وَلَدِي) وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ مِثْلَ قَوْلِهِ لَهَا: أَنْتَ أُمُّ وَلَدِي؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَنَّ جُزْءًا مِنْهَا مُسْتَوْلِدٌ؛ سَرَى إقْرَارُهُ بِالِاسْتِيلَادِ إلَى جَمِيعِهَا، كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: يَدُك حُرَّةٌ؛ فَإِنَّ الْعِتْقَ يَسْرِي إلَى جَمِيعِهِ.
وَ (لَا) يَصِحُّ قَوْلُ السَّيِّدِ (لِابْنِهَا) ؛ أَيْ: ابْنِ أَمَتِهِ (يَدُك ابْنِي أَوْ) يَقُولُ عَنْهُ (هُوَ ابْنِي أَنْ لَمْ يَقُلْ) السَّيِّدُ (وَلَدْته فِي مِلْكِي، خِلَافًا " لِلْمُنْتَهَى " هُنَا) أَيْ: فِي هَذَا الْبَابِ فِي قَوْلِهِ: وَيَصِحُّ قَوْلُهُ لِأَمَتِهِ: يَدُك أُمُّ وَلَدِي أَوْ لِابْنِهَا يَدُك ابْنِي، فَجَعَلَ قَوْلَهُ لِابْنِهَا يَدُك ابْنِي إقْرَارًا بِأَنَّهُ ابْنُهُ فِي أَنَّهُ يَسْرِي ذَلِكَ إلَى جَمِيعِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ ابْنِي مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ وَمَا يُخَالِفُهُ، فَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ قَالَ لِوَلَدِهَا: أَنْتَ ابْنِي، أَوْ هُوَ ابْنِي، وَلَمْ يَقُلْ وَلَدْته فِي مِلْكِي؛ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إلَّا أَنْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى وِلَادَتِهَا لَهُ فِي مِلْكِهِ.

(وَأَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ ك) أَحْكَامِ (أَمَةٍ) غَيْرِ مُسْتَوْلَدَةٍ (فِي إجَارَةٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَوَطْءٍ وَسَائِرِ أُمُورِهَا) كَالْإِعَارَةِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْعِتْقِ وَالْإِيدَاعِ وَمِلْكِ كَسْبِهَا وَحَدِّهَا وَعَوْرَتِهَا وَغَيْرِهِ مِنْ أَحْكَامِ الْإِمَاءِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ؛ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ؛ أَوْ قَالَ: مِنْ بَعْدِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى الرِّقِّ مُدَّةَ حَيَاتِهِ؛ فَكَسْبُهَا لَهُ (إلَّا فِي تَدْبِيرٍ) فَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ إذْ الِاسْتِيلَادُ أَقْوَى مِنْهُ، حَتَّى لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ أَبْطَلَهُ (أَوْ مَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ كَبَيْعٍ) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ (غَيْرَ كِتَابَةٍ) فَتَصِحُّ كِتَابَتُهَا، وَتَقَدَّمَ (وَكَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَقَالَ: لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ؛ يَسْتَمْتِعُ بِهِنَّ السَّيِّدُ

الصفحة 770