كتاب النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي (اسم الجزء: 4)

وروى البيهقي بإسناده إلى الحسين بن حفص عن سفيان عن يونس عن أبي عثمان قال: جاء أنس بن مالك وقد صلينا الفجر فأذن وأقام وصلى بأصحابه في المسجد وقد صلوا فيه. هذا موقوف. ثم رواه من جهة عباس الدوري ثنا الأسود بن عامر ثنا سفيان فذكره. وقال: عن أنس أنه دخل مسجد وقد جمع فيه ومعه نفر فأذن وأقام وأمّهم فيه. وهو موقوف على أنس.
التاسعة عشرة: أخذ بعض المالكية من قوله - عليه السلام -: "يا بلال قم فناد بالصلاة"، مشروعية الأذان من قيام وأنه لا يجوز الأذان قاعدًا. قال: وهو مذهب العلماء كافة إلا أبا ثور ووافقه أبو الفرج المالكي وهو ضعيف لوجهين:
أحدهما: أنه استنبط ذلك من حديث عمر بعد أن قرر في الجمع بينه وبين حديث عبد الله بن زيد أن حديث عمر هذا كان قبل مشروعية الأذان وأن المراد منه الإعلام بدخول الوقت من حيث الجملة وأن الأذان المشروع هو ما في حديث عبد الله بن زيد وكان بعد ذلك.
الثاني: ما تقبله لفظة (قم فناد بالصلاة) من المنازعة في المعنى الذي قصد إليه. فلمن لا يرى ذلك أن يقول ليس المراد إلا قم لتذهب إلى موضع بارز يراك الناس فيه ولتسمع من بَعُد من غير تعرض للأذان قائمًا.
والمشهور من مذهب الشافعي أنه سنة فلو أذن قاعدًا لغير عذر صح لكن فاتته الفضيلة، وكذا لو أذن مضطجعًا مع قدرته على القيام صح أذانه على الأصح لأن المراد الإعلام وقد حصل. قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن من السنة أن يؤذن الؤذن قائمًا.
وقد روينا عن أبي زيد صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت رجله أصيبت في سبيل الله أنه أذن وهو قاعد.

الصفحة 26