كتاب النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي (اسم الجزء: 4)

بالأذان والإمام أملك بالإقامة".
قال ثنا محمد بن يعقوب الأهوازي نا أحمد بن المقدام نا يوسف بن الحجاج نا المعارك بن عباد عن يحيى بن أبي الفضل عن أبي الجوزاء عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "المؤذن أحق بالأذان والإمام أحق بالإقامة".
وقوله: (لا تقوموا حتى تروني) هذا صحيح من حديث ابن أبي قتادة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم.
وهو هنا طرف من هذا الحديث.
قال القاضي عياض: ظاهر أن الصلاة كانت تقام قبل أن يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من بيته، ويعارضه حديث بلال أنه كان لا يقيم حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووجه الجمع أن بلالًا كان يراقب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيرى أول خروجه قبل أن يراه من هناك فيشرع في الإقامة إذ ذاك. ثم لا يقوم الناس حتى يروا النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم لا يقوم النبي - صلى الله عليه وسلم - مقامه حتى يعدلوا صفوفهم وبهذا الترتيب يصح الجمع بين الأحاديث المتعارضة في هذا المعنى. انتهى.
وإذا اقتضى الجمع بين الأحاديث كما ذكر أن بلالًا كان يراقب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيرى أول خروجه فيشرع في الإقامة، فكيف حسنت الحوالة في الإقامة هنا على الزمان المقدر بأكل الآكل وشرب الشارب. وإنما هي محالة على أول رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيحتمل أن يكون المراد بالإقامة تأهبه وتشوفه لخروجه - عليه السلام - للصلاة ليكون بمراقبته مدركًا لأول خروجه فيقيم عند ذلك، وسيأتي لهذا مزيد بيان في الكلام على حاديث جابر بن سمرة: كان مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمهل فلا يقيم حتى إذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد خرج أقام الصلاة.

الصفحة 53