كتاب النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي (اسم الجزء: 4)

للحاجة لمن لا يتخذه عادةً قوم منهم ابن سيرين وأشهب واختاره ابن المنذر، حيث لم يعلله ابن عباس بمرض ولا غيره وتأوله آخرون.
الخامسة: الذين تأولوه اختلفوا فقال بعضهم: لعذر المطر وقد تقدم عن مالك ويرده رواية من روى: من غير خوف ولا مطر.
ومنهم من تأوله على أنَّه كان في غيم فصلى الظهر ثم انكشف الغيم وبان أن وقت العصر دخل فصلاها، وهذا يرده الجمع بين المغرب والعشاء ومثله لا يتأتى فيه وهو حديث واحد.
ومنهم من تأوله على تأخير الأولى إلى آخر وقتها وإقامة الثانية في أول وقتها واستحسنه أبو العباس القرطبي ورجحه وقال الشيخ محيى الدين رحمه الله: وهذا ضعيف أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل، وفعل ابن عباس الَّذي ذكرناه حين خطب واستدلاله بالحديث لتصويب فعله وتصديق أبي هريرة له وعدم إنكاره صريح في رد هذا التأويل.
قال: ومنهم من قال: هو محمول على الجمع بعذر المرض أو نحوه مما هو في معناه وهو قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين واختاره الخطابي والمتولي والروياني وهو المختار في تأويله. انتهى.
وعندي أن ما اختاره القرطبي من التأويل أولى لأمور:
أولها: أن أبا الشعثاء راويه عن ابن عباس قد أوله بذلك.
الثاني: أن في ألفاظ الحديث نفي الأعذار المبيحة للجمع من الخوف والسفر والمطر، فلو حكى خلفها عذر المرض، لما عدل ابن عباس عنه إلى قوله: (أراد أن لا يحرج أمته)، ولما غفل أبو هريرة عن الرد على ابن عباس به، وإخراج الصلاة عن وقتها لغير عذر لا تجوز باتفاق.

الصفحة 8