كتاب إنباه الرواة على أنباه النحاة (اسم الجزء: 4)

وقال أبو العباس: كان الفرّاء يجلس الناس [1] فى مسجده إلى جانب منزله، وكان ينزل بإزائه الواقدىّ [2]. قال: وكان الفراء يتفلسف فى تأليفاته وتصنيفاته، حتى يسلك [3] فى ألفاظه كلام الفلاسفة. وكان أكثر مقامه ببغداد، وكان يجمع طوال دهره، فإذا كان آخر السنة خرج إلى الكوفة، فأقام بها أربعين يوما فى أهله يفرّق فيهم ما جمعه ويبرهم.
ولم يؤثر من شعره غير هذه الأبيات، رواها أبو حنيفة الدّينورىّ [4] عن الطّوال [5]:
يا أميرا على جريب من الأر ... ض له تسعة من الحجّاب
جالسا فى الخراب يحجب فيه [6] ... ما سمعنا بحاجب فى خراب
لن ترانى لك العيون بباب ... ليس مثلى يطيق ردّ الحجاب
وذكره [7] أبو عبيد الله محمد بن عمران فى كتابه [8]، فقال: أبو زكرياء يحيى بن زياد الفرّاء، كان زياد الأقطع أبوه، شهد وقعة مع الحسين بن علىّ عليهما السلام، فقطعت يده فى تلك الحرب. وكان الفرّاء يميل إلى الاعتزال [9].
__________
[1] الفهرست: «للناس».
[2] هو أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الأسلمىّ الواقدىّ، صاحب التصانيف فى الفتوح والمغازىّ؛ ذكره صاحب شذرات الذهب فى وفيات سنة 207.
[3] الفهرست: «يعنى يسلك»، وفى ب: «حتى سلك».
[4] هو أحمد بن داود؛ ترجم له المؤلف فى الجزء الأول ص 76 - 79.
[5] هو محمد بن أحمد بن عبد الله الطوال؛ من أهل الكوفة وأحد أصحاب الكسائى. توفى سنة 243. بغية الوعاة 1: 50.
[6] الفهرست: «عنه».
[7] فى الأصلين: «وذكر».
[8] هو كتاب المقتبس، ذكره المؤلف فى ثبت مؤلفاته فى الإنباه 3: 182.
[9] نقل ابن خلكان الخبر؛ ولكن ذكر بعده: «وهذا عندى فيه نظر؛ لأنّ الفرّاء عاش ثلاثا وستين سنة، فتكون ولادته سنة أربع وأربعين ومائة، وحرب الحسين كانت سنة إحدى وسنين للهجرة، فبين حرب الحسين وولادة الفراء أربع وثمانون سنة، فكم قد عاش أبوه! فإن كان الأقطع جده فيمكن.
والله أعلم».

الصفحة 13