كتاب إنباه الرواة على أنباه النحاة (اسم الجزء: 4)

وسمعت عجوزا تقول: مات الحجّاج. قال: فما أدرى بأيّهما كنت أسرّ؟ بقول المنشد: «فرجة» بالفتح، أو بقول العجوز: «مات الحجاج»! وسمعت في هذا الخبر زيادة أن أبا عمرو سأل المنشد، وقال له: «فرجة» بالضمّ؟ فقال له: «الفرجة» بالفتح بين الأمرين، وبالضمّ بين الجبلين.
وسئل أبو عمرو عن اشتقاق الخيل، فلم يعرفه، فمرّ أعرابىّ محرم، فأراد السائل سؤال الأعرابىّ، فقال له أبو عمرو: دعنى، فأنا ألطف بسؤاله وأعرف، فسأله، فقال الأعرابىّ: اشتقاق الاسم من فعل المسمّى، فلم يعرف القوم ما أراد الأعرابىّ، فسألوا أبا عمرو عن ذلك، فقال: ذهب إلى «الخيلاء» الّتى فى الخيل والعجب، ألا ترى أنها تمشى العرضنة [1] خيلاء وتكبّرا! وسمع أبو عمرو منشدا ينشد:
ومن يغو لا يعدم على الغىّ لائما [2]
فقال له: أقّومك أم أتركك تتسكّع في طمّتك! فقال: قوّمنى؛ قال: قل:
«ومن يغو» بكسر الواو، ألا ترى قول الله عز وجل: (فَغَوى)
[3].
[عنى] بقوله: «تتسكّع» أى تتلوّث. والطّمه. الخرأة.
وخرج أبو عمرو بن العلاء عن البصرة طالبا للشام، ليجتدى عبد الوهاب ابن إبراهيم [4]، فمات في طريق الشّام سنة أربع وخمسين ومائة، وله عقب بالبصرة.
__________
[1] يمشى العرضنة والعرضنى، أى في مشيته بغى من نشاطه. القاموس.
[2] صدره:
ومن يلق خيرا يحمد الناس أمره
والبيت للمرقش الأصغر، وهو في اللسان (غوى) والمفضليات 1: 247.
[3] سورة طه 20.
[4] هو عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام بن محمد العباسى. أمير من الشجعان القادة. سيره عمه المنصور سنة 140 في سبعين ألفا إلى ملطية، قد خلها بعد أن خربتها الفرنجة، وغزا الصائفة سنتى 151، 152. وتوفى ببغداد سنة 157، تاريخ ابن الأثير في حوادث السنتين المذكورتين.

الصفحة 135