كتاب إنباه الرواة على أنباه النحاة (اسم الجزء: 4)

فأراد غيره إلا سهل عليه؛ فقال له محمد: يا أبا زكرياء، فأنت أيضا قد أنعمت النظر في العربية؛ فنسألك عن باب من الفقه، قال: هات على بركة الله، قال: ما تقول في رجل صلّى فسها، فسجد سجدتى السهو، فسها فيهما؟ ففكر الفرّاء ساعة [ثم [1]] قال: لا شىء عليه، قال له محمد: ولم؟ قال: لأنّ التصغير عندنا لا تصغير له، وإنما السّجدتان تمام الصلاة، فليس للتّمام تمام، فقال محمد ابن الحسن: ما ظننت آدميّا يلد مثلك [2]! قال هنّاد بن السرىّ: كان الفرّاء يطوف معنا على الشيوخ، فما رأيناه أثبت سوداء في بيضاء قطّ، لكنه إذا مرّ حديث فيه شىء من التفسير أو متعلّق بشىء من اللغة، قال للشيخ: أعده علىّ، وظننّا أنّه كان يحفظ ما يحتاج إليه [3].
وقال ابن الجهم السّمّرى: ما رأيت مع الفرّاء كتابا قط إلا كتاب «يافع ويفعة».
وقال سلمة: أمّل الفرّاء كتبه كلّها حفظا، لم يأخذ بيده نسخة إلا في كتابين:
كتاب «ملازم»، وكتاب «يافع ويفعة».
قال أبو بكر بن الأنبارىّ: ومقدار الكتابين خمسون ورقة. [ومقدار كتب الفرّاء ثلاثة آلاف ورقة [4]].
__________
[1] زيادة من تاريخ بغداد.
[2] تاريخ بغداد 14: 152، ابن خلكان 2: 229.
[3] تاريخ بغداد 14: 152.
[4] تكملة من ب وتاريخ بغداد، والخبر فيه 14: 153، نقله الخطيب عن محمد بن محمد على الشروطى، عن أبى محمد عبيد الله بن محمد بن على الكاتب المروزى، عن أبى محمد بن القاسم الأنبارى عن أبى العباس أحمد بن يحيى النحوى، عن سلمة.

الصفحة 20