كتاب إنباه الرواة على أنباه النحاة (اسم الجزء: 4)

عانى، ومن أين لابن لبون في الفقه يشغله التدريس، الجرى في حلبة النّحو مع البزل القناعيس [1].
والذى تولّاه أبو القاسم النحوىّ اللّورقىّ [2] الأندلسىّ من شرح هذا الكتاب؛ فإنما تبع الموفّق في طريقه، ووفّق بذلك إلى مرتبة ترتيبه وحقيقة تحقيقه، واقتدى به في إزالة الإشكال والاشتباه، ونقلا جميعا النّحو من كلام النّحاة، فقبض أحدهما وبسط الآخر، ووجد الثانى بالأول شرعا واضحا فسفر عن وجهه فيه وسافر، غير أنّ التصنيف الموفّقى خطب من أقصى مكان، وبذل في نسخه أوفر الأثمان، وأصبح مستعملا بين أئمة هذا الشأن.
وأمّا ما زعمه الفخر الرازىّ المعروف بابن الخطيب [3] من شرحه، فقد عرّض عرضه فيه للاستهزاء، وأظهر من ضعف علمه بهذا النوع ما أهدفه [4] للاستزراء، وعجز في أوّل شرحه عن حدّ الاسم، وأورد الحدّ له بلفظ الرّسم، فلا طريقة المنطقىّ لزم، ولا بالرّسوم النحوية ارتسم، لأن المنطقىّ يحد الاسمّ بما هو السّمة الواقعة على المسمّى، فيشمله شخصا كان أو معنى، والنحوىّ يشاركه في ذلك، وينفرد باعتبار نفى الاجتهاد في تحصيله لذيذ الطيف، وهى الجملة المفيدة من تساند
__________
[1] ابن اللبون: ولد الناقة إذا كان في العام الثانى واستكمله، أو إذا دخل في الثالث. وبزل البعير يبزل: فطر نابه، أى انشق، فهو بازل، ذكرا كان أو أنثى، وذلك في السنة التاسعة.
والقناعيس: جمع قنعاس، وهو الجمل الضخم، والكلام على الاستعارة.
[2] هو القاسم بن أحمد بن الموفق بن جعفر الأندلسى المرسى، وسماه بعضهم محمدا، وكناه أبا القاسم. شرح المفصل في أربع مجلدات، وتوفى سنه 375. بغية الوعاه 2: 250.
[3] هو الإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازى، المتوفى سنة 606، ذكره صاحب كشف الظنون ممن شرح المفصل.
[4] أهدفه: جعله هدفا.

الصفحة 48