كتاب إنباه الرواة على أنباه النحاة (اسم الجزء: 4)

الاسمين فيدخل في ذلك أين وكيف، وهذا النوع عند المنطقىّ من الأدوات، لا من الأسماء السامية على مسمّياتها ولا من السّمات، ثم سلك هذا المسلك في أماكن رام فيها تناسب الأداة وما يصدر عنها فحلط، وركب بهما في الجمع بين النّحوين:
العربىّ واليونانىّ فسلكهما في عشواء وخبط، وجاء كتابه على صغر حجمه كثير الخطا، وعلى سعة وهمه قصير الخطا.
وأما ما صنّفه الأديب المروزىّ خازن كتب المهتر الفقاعىّ [1] السّجزىّ، فإنه وقف مع الألفاظ النّحوية، والمعانى العربية، ولم يتعرّض لشرح العبارة الزمخشرية، وأعانته الخزانة الّتى يتولّاها فوسّع القول في الأسماء والعوامل، ونقل عن الكتب الكبار نقل المسطرة ولم يأت من عنده بطائل، فجاء كتابه مفيدا للنّحو لا للعبارة، وضابطا لمنتشر العربية لا للإشارة، فكتاب الموفّق إذا أوسطها حجما، وأسعدها نجما، وأوفقها قصدا، وأقصدها رشدا، لا يوفّق من جهله، لأنه عمله لله والله يحفظ ما عمل له.
وفي هذا الموفّق خصلة فاق بها أقرانه- ولا قرن له- وإخالها منحة من الله والله يهنّئه ما خوّله، وهو السّكوت عن الإجابة عند السؤال، والسّكون فى أداء الجواب إذا تسرّع غيره إلى الخطأ في المقال، ولقد سألته من سنين عن مسألة في موانع الصرف فصمت عن الجواب، وكان في صمته الصّواب، فإنّها أشكلت على الأئمة المتقدّمين، حتى غلط في الإجابة عنها المبرّد وناهيك به تقدّما في السابقين الأوّلين، فاستدللت بإمساكه على تحصيله، واعتددت بطوله في تطويله، والسعيد من سكت عند الإشكال، والشّقىّ من تسرّع إلى الخطأ وعدم الاستقلال.
__________
[1] كذا في الأصلين، ولم أجده ممن شرح المفصل في كشف الظنون.

الصفحة 49