كتاب إنباه الرواة على أنباه النحاة (اسم الجزء: 4)

وبعد، فالمملوك ينهى إلى المقرّ العالى المولوىّ، والمحلّ الأكرم العلىّ، أدام الله سعادته مشرقة النّور، مبلغة السّول، واضحة الغرر بادية الحجول، ما هو مكتف بالأريحيّة المولويّة عن تبيانه، مستغن بما منحتها من صفاء الآراء عن إنضاء [1] قلمه لإيضاحه وبيانه، قد أحسبه ما وصف به عليه السلام المؤمنين، «وإنّ من أمّتى لمكلّمين» [2]، وهو شرح ما يعتقده من الولاء، ويفتخر به من التعبّد للحضرة الشريفة والاعتزاء. وقد كفته [3] تلك الألمعيّة، عن إظهار المشتبه [4] بالملق مما تجنّه الطويّة، لأنّ دلائل غلوّ المملوك في دين ولائه في الآفاق واضحة، وطبيعه [5] سكة إخلاص الوداد باسمه الكريم على صفحات الدهر لائحة، وإيمانه بشرائع الفضل الّذى طبّق الآفاق حتى أصبح بها نبىّ [6] المكارم مبين، وتلاوته لأحاديث المجد الغريبة الأسانيد بالمشاهدة لديه متين، ودعاء أهل الآفاق إلى المغالاة في الإيمان بإمامة فضله الّذى تلقّاه باليمين معروف، وتصديقه بملّة سؤدده الّذى تفرّد بالتوخّى لنظم شارده وضمّ متبدّده بعرق الجبين مألوف، حتى لقد أصبح للفضل كعبة لم يفترض حجّها على من استطاع إليها السبيل، ويقتصر بقصدها على ذوى القدرة دون المعترّ وابن السبيل، فإن لكلّ منهم حظّا يستمده، ونصيبا يستعدّ به ويعتدّه، فللعظماء الشّرف الضخم من معينه، وللعلماء اقتناء الفضائل من قطينه، وللفقراء توقيع الأمان من نوائب الدهر وغضّ جفونه، وفرضوا من مناسكه للبهجة الشريفة السلام والتبجيل، وللكفّ البسيطة الاستلام والتقبيل.
__________
[1] ابن خلكان: «إمضاء».
[2] ابن خلكان: «لمتكملين». ومكلمين، أى ملهمين.
[3] ابن خلكان: «وقد كفته».
[4] ابن خلكان: «المشبه».
[5] كذا في ابن خلكان.
[6] ابن خلكان: «بناء».

الصفحة 89