كتاب إنباه الرواة على أنباه النحاة (اسم الجزء: 4)

(فإنّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ)
من حادثة تقصم الظّهر، وتهدم العمر، وتفتّ فى العضد، وتوهى الجلد، وتضاعف الكمد، وتشيب الوليد، وتنخب لبّ الجليد، وتسوّد القلب، وتذهل اللّبّ، فحينئذ تقهقر المملوك على عقبيه ناكصا، ومن الأوبة إلى حيث تستقرّ فيه النفس بالأمن آيسا، بقلب واجب [1]، ودمع ساكب، ولبّ عازب، وحلم غائب، وتوصّل [2]، وما كاد حتّى استقرّ بالموصل، بعد مقاساة أخطار، وابتلاء واصطبار، وتمحيص الأوزار، وإشراف غير مرة على البوار والتّبار. لأنّه مرّبين سيوف مسلولة، وعساكر مغلولة، ونظم [3] محلولة. ودماء مسكوبة مطلولة [4]، وكان شعاره كلّما علا قتبا، أو قطع سبسبا: (لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً)
[5]. فالحمد لله الّذى أقدرنا على الحمد، وأولانا نعماء تفوت الحصر والعدّ.
وجملة الأمر [أنه [6]] لولا فسحة في الأجل، لعزّ أن يقال: سلم من البأس أوصل، ولصفّق عليه أهل الوداد صفقة المغبون، وألحق بألف ألف ألف ألف ألف هالك بأيدى الكفار أو يزيدون، وخلّف خلفه جلّ ذخيرته، ومستمدّ [7] معيشته.
تنكّر لى دهرى ولم يدر أنّنى ... أعزّ وأحداث الزمان تهون
وبات يرينى الخطب كيف اعتداؤه ... وبتّ أريه الصّبر كيف يكون
__________
[1] واجب: مضطرب.
[2] ابن خلكان: «فتوصل».
[3] ابن خلكان: «ونظام عقد محلولة».
[4] مطلولة: مهدرة.
[5] سورة الكهف 62.
[6] من ابن خلكان.
[7] كذا في ب وابن خلكان، وفي الأصل. «مستمدة».

الصفحة 96