كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)

صفحة رقم 100
شيء من الأشياء فقال : ( أنت وليِّي ) أي الأقرب إليّ باطناً وظاهراً ) في الدنيا والآخرة ) أي لا ولي لي غيرك ، والولي يفعل لمولاه الأصلح والأحسن ، فأحسن بي في الآخرة أعظم ما أحسنت بي في الدنيا .
ولما كان توليه لله لا يتم إلا بتولي الله له ، أتبعه بما يفيده فقال : ( توفني ) أي اقبض روحي وافياً تاماً في جميع أمري حساً ومعنى حال كوني ) مسلماً ( ولما كان المسلم حقيقة من كان عريقاً في الإخلاص ، حققه بقوله : ( وألحقني بالصالحين ( فتوفاه الله كما سأل ؛ قالوا : وتخاصم أهل مصر فيه ، كلهم يرجوا أن يدفن في محلته يرجو بركته ، ثم اصطلحوا على أن عملوا له صندوقاً من رخام ودفنوه في وسط النيل ، ليفترق الماء على جميع الأرض فتنالها بركته وتخصب كلها على حد سواء ، ويكونوا كلهم في الماء سواء .
ذكر ما بقي من القصة عن التوراة : قال بعدما مضى : فلم يقدر يوسف على الصبر - يعني على ترفق إخوته - فأمر بإخراج جميع من كان عنده ، فلم يبق عنده أحد حيث ظهر يوسف لإخوتهن فرفع صوته فبكى حتى سمع المصريون فأخبروا في آل فرعون ، فقال يوسف لإخوته : أنا أخوكم يوسف ، هل أبي باق ؟ فلم يقدر إخوته على إجابته لأنهم رهبوه ، فقال يوسف لإخوته : ادنوا مني فدنوا فقال لهم : أنا يوسف الذي بعتموني لمن ورد إلى مصر ، والآن فلا تحزنوا ، ولا يشقن عليكم ذلك ، ولا يشتدن عليكم بيعكم إياي إلى ما هنا ، لأن الله أرسلني أمامكم لأعد لكم القوت ، لأن للجوع مذ أتى سنتين ، وستأتي خمس سنين أخر لا يكون فيها زرع ولا حصادن فأرسلني الرب أمامكم لأصير لكم بقاء في الأرض وأخلصكم وأستنقذكم ، لتحيوا وتستبشروا على الأرض ، والآن فلستم أنتم الذين بعثتموني إلى هاهنا بل الله أرسلني وجعلني أباً لفرعون وسيداً لجميع أهل بيته ، ومسلطاً على جميع أرض مصر ، فاصعدوا الآن عجلين عليّ بأبي وقولوا له : هكذا يقول ابنك يوسف : إن الله جعلني سيداً لجميع أهل مصر ، فاهبط إليّ ولا تتأخر ، وانزل إلى أرض السدير - وفي نسخة : خشان - فكن قريباً مني أنت وبنوك وأهل بيتك وعمتك وبقرك وجمع مالك ، فأموّنكم هناك ، لأنه قد بقي خمس سنين جوعاً ، لئلا تهلك أنت وأهل بيتك وكل مالك ، وهذه أعينكم تبصر وعينا أخي بنيامين ، إني أكلمكم مشافهة ، وأخبروا أبي بجميع كرامتي ووقاري في أرض مصر ، وبجميع ما رأيتم ، وأسرعوا واهبطوا بأبي إلى هاهنا ، فاعتنق أخاه بنيامين أيضاً وبكى ، وقبل جميع إخوته وبكى ، ومن بعد ذلك كلمه إخوتهن فبلغ ذلك فرعون وقيل له : إن إخوة يوسف قد أتوه ، فسر ذلك فرعون ،

الصفحة 100