كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)

صفحة رقم 110
بين العباب والمحكم : سبحان الله معناه تنزيهاً لله من الصحابة والولد ، وتبرئة من السوء - هذا معناه في اللغة وبذلك جاء الأثر عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال سيبويه : زعم أبو الخطاب أن ( سبحان الله ) كقولك براءة الله من السوء ، كأنه يقول : أبرىء براءة الله من السوء ، وزعم أن مثل ذلك قول الأعشى :
اقول لما جاءني فخره سبحان من علقمه الفاخر
أي براءة منه ، وبهذا استدل على أن سبحان معرفة إذ لو كان نكرة لانصرف ، قال : وقد جاء في الشعر منوناً نكرة ، قال أمية :
سبحانه ثم سبحاناً يعود له وقبلنا سبح الجودي والجمد
وقال ابن جني : سبحان اسم علم لمعنى البراءة والتنزيه بمنزلة عثمان وحمران ، اجتمع في سبحان التعريف والألف والنون ، وكلاهما علة تمنع من الصرف - انتهى .
وقال الزجاج : جاء عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أن قوله ( سبحان الله ) تبرئة لله من السوء ، وأهل اللغة كذلك يقولون من غير معرفة بما فيه من الرواية عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ولكن تفسيره يجمعون عليه ، وقد سبح الرجل : قال سبحان الله ، وفي التنزيل
77 ( ) كل قد علم صلاته وتسبيحه ( ) 7
[ النور : 41 ] وسبح لغة في سبّح ، وحكى ثعلب : سبح تسبيحاً وسبحاناً ، قال ابن سيده : وعندي أنا سبحاناً ليس مصدراً لسبّح ، إنما هو مصدر سبح ، وقال النصر : سبحان الله معناه السرعة إليه والخفة في طاعته ، وسبوحه - بفتح السين : البلد الحرام ، وسباح علم الأرض الملساء عند معدن بني سليم ، وسبحات وجه الله : أنواره ، والسبحة : الدعاء ، وأيضاً صلاة التطوع - انتهى .
وكله راجع إلى الإبعاد عن السوء ، والسبحان : النفس ، وكل أحد يبرىء نفسه ويرفعها عن السوء .
ولما أوضح أبطال ما تعتنوا به من قولهم ( لو أنزل عليه كنز ) أتبعه ما يوضح تعنتهم في قولهم ) أو جاء معه ملك ( بذكر المرسلين ، وأهل السبيل المستقيم ، الداعين إلى الله على بصيرة ، فقال : ( وما أرسلنا ) أي بما من العظمة .
ولما كان الإرسال لشرفة لا يتأتى على ما جرت به الحكمة في كل زمن كما أنه لا يصلح للرسالة كل أحد ، وكان السياق لإنكار التأييد بملك في قوله ) أو جاء معه ملك ( كالذي في النحل ، لا لأنكار رسالة البشر ، أدخل الجار تنبيهاً على ذلك فقال : ( من قبلك ) أي إلى المكلفين ) إلا رجالا ) أي مثل ما أ نك رجل ، لا ملائكة ولا إناثاً - كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما ، والرجل مأخوذ من المشي على الرجل ) نوحي إليهم ) أي بواسطة الملائكة مثل

الصفحة 110