كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)
صفحة رقم 120
فالذين تطمئن قلوبهم بذكر الله هم أولوا الألباب المتذكرون التامو الإيمان وهم القليل المشار إليهم في قوله تعالى
77 ( ) وقليل ما هم ( ) 7
[ ص : 24 ] والمقول فيهم
77 ( ) أولئك هم المؤمنون حقاً ( ) 7
[ الأنفال : 4 ] ودودن هؤلاء طوائف من المؤمنين ليسوا في درجاتهم ولا بلغوا يقينهم ، وإليهم الإشارة بقوله :
77 ( ) وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ( ) 7
[ يوسف : 106 ] قال عليه الصلاة والسلام ( الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل ) فهذا بيان ما أجمل في قوله ) وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ( وأما قوله تعالى :
77 ( ) أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله ( ) 7
[ يوسف : 107 ] فما عجل لهم من ذلك في قوله : ( ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريباً م دارهم حتى يأتي وعد الله ( القاطع دابرهم ، والمستأصل لأمرهم ، وأما قوله تعالى :
77 ( ) قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة ( ) 7
[ يوسف : 108 ] الآية ، فقد أوضحت آي سورة الرعد سبيله عليه السلام بينه بما تحمليته من عظيم التنبيه وبسط الدلائل بما في السماوات والأرض وما بينهما وما في العالم بجملته وما تحمله الكتاب المبين - كما تقدم ، ثم قد تعرضت السورة لبيان جليّ سالكي تلك السبيل الواضحة المنجية فقال تعالى :
77 ( ) الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ( ) 7
[ الرعد : 20 ] إلى آخر ما حلاهم به أخذاً وتركاً ، ثم عاد الكلام بعد إلى ما فيه من التنبيه والبسط وتقريع الكفار وتوبيخهم وتسليته عليه السلام في أمرهم
77 ( ) إنما أنت منذر ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية ( ) 7
[ الرعد : 38 ] ،
77 ( ) فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ( ) 7
[ الرعد : 40 ]
77 ( ) ويقول الذين كفروا لست مرسلاً ( ) 7
[ الرعد : 43 ] ، والسورة بجملتها غير حائدة عن تلك الأغراض المجملة في الآيات الأربع المذكورات من آخر سور يوسف ، ومعظم السورة وغالب آيها في التنبيه وبسط الدلالات والتذكير بعظيم ما أودعت من الآيات ؛ ولما كان هذا الشأن أعقبت بمفتتح سور إبراهيم عليه السلام - انتهى .
فلما أثبت سبحانه لهذا الكتاب أنه المختص بكونه حقاً فثبت أنه عظم الأدلة والآياتن شرع يذكر ما أشار إليه بقوله : ( وكأين من آية ( من الآيات المحسوسة الظاهرة الدالة على كون آيات الكتاب حقاً بما لها في أنفسها من الثبات ، والدلالة بما لفاعلها من القدرة والاختيار - على أنه قادر على كل شيء ، وأن ما أخبر به من البعث حق لما له من الحكمة ، والدالة - بما للتعبير عنها من الإعجاز - على كونها من عند الله ، وبدأ بما بدأ به في تلك من آيات السماوات لشرفها ولأنها أدل ، فقال : ( الله ) أي الملك الأعظم الذي له جميع صفات الكمال وحده ) الذي رفع السماوات ( بعد أيجادها من عدم - كما أنتم بذلك مقرون ؛ والرفع : وضع الشيء في جهة العلو سواء كان بالنقل أو بالاختراع ، كائنه ) بغير عمد ( جمع عماد كأهب وإهاب أو عمود ، والعمود : جسم