كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)
صفحة رقم 129
رحمها ) كل أنثى ) أي الماء الذي يصلح لأن يكون حملاً ) وما تغيض ) أي تنقص ) الأرحام ( من الماء فتنشفه فيضمحل لعدم صلاحيته لأن يكون منه ولد ، وأصل الغيض - كما قال الرماني : ذهاب المائع في العمق الغامض ، وفعله متعد لازم ) وماتزداد ) أي الأرحام من الماء إلى الماء الذي قدر تعالى كونه حملاً فيكون توأماً فأكثر في جماع آخر بعد حمل الأول كما صرح بإمكان ذلك ابن سينا وغيره من الأطباء ، وولدت في زماننا أتان حماراً وبغلاً ، وذلك لأن الزيادة ضم شيء إلى المقدار وكثرته شيئاً بعد شيء فيقدر ذلك ، ولا يمكن أحداً زيادته ولا نقصانه ، وذلك كله يستلزم الحكمة فلذا ختمه بقوله : ( وكل شيء ) أي من هذا وغيره من الآيات المقترحات وغيرها ) عنده ) أي في قدرته وعلمه ) بمقدار ( في كيفيته وكميته لا يتجاوزه ولا تقصر عنه ، لأنه عالم بكيفية كل شيء وكميته على الوجه المفصل المبين ، فامتنع وقوع اللبس في تلك المعلومات وهو قادر على ما يريد منها ، فالآية بيان لقوله تعالى : ( الذين كفروا بربهم ( من حيث بين فيها تربيته لهم على الوجه الذي هم له مشاهدون ويه معترفون .
ولما كان هذا عيباً وكان علمه مستلزماً لعلم الشهادة ، وكان للتصريح مزية لا تخفي ، صرح به على وجه كلي يعم تك الجزيئات وغيرها فقال : ( عالم الغيب ( وهو ما غاب عن كل مخلوق ) والشهادة ( قال الرماني : الغيب : كون الشيء بحيث يخفى عن الحس ، والشهادة : كونه بحيث يظهر له .
ولما كان العلم والحكمة لا يتمان إلا بكمال القدرة والعظمة قال : ( الكبير ) أي الذي يتضاءل عنده كل ما فيه صفات تقتضي الكبر ، قال الإمام أبو الحسن الحرالي : والكبر : ظهور التفاوت في ظاهر وباهر القدر الذي لا يحتاج إلى فكر ، ولذلك كان فطرة للخلق أن الله أكبر ، ولما كان لا ظاهر قدر للخلق لما عليهم من بادي الضروريات والحاجات المعلنة بصغير بالقدر ، ومن حاول منهم أن يكبر بسطوة أو تسلط وفساد زاد صغار قدره بما اكتسب في أعين أرباب البصائر في الدنيا ، ويبدو ذلك منه لعيون جميع الخلق في الأخرى ( يحشر المتكبرون يوم القيامة كأمثال الذي يطؤهم الناس بأقدامهم ) فلذلك اختصاص معنى أنه لا كبير إلا الله - انتهى .
) المتعال ) أي الذي لا يدنو - من أوج علوه في ذات أو صفة أو فعل - عالٍ ، وأخرجه مخرج التفاعل ليكون أدل على المعنى وأبلغ فيه ؛ وقال أبوالحسن الحرالي رحمه الله : والتعالي : فوت التناول والمنال