كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)
صفحة رقم 14
ونكروها دلالة على أنها منكورة مجهولة بحيث يهلك فيها ، وعنى قائلهم بذلك : إن تورعتم عن مباشرة قتله بأيديكم .
ولما كان التقدير : إن تفعلوا ذلك ، اجابه بقوله : ( يخل لكم ) أي خاصاً بكم ) وجه أبيكم ) أي قصده لكم وتوجهه إليكم وقصدكم ونيتكم .
ولما كان أهل الدين لا يهملون إصلاح دينهم لأنه محط امرهم ، قالوا : ( وتكونوا ) أي كوناً هو في غاية التمكن ، ولما كانواعالمين أن الموت لا بد منه .
فهو مانع من استغراقهم للزمان الآتي ، أدخلوا الجار فقالوا : ( من بعده ) أي يوسف عليه الصلاة والسلام ) قوماً ) أي ذوي نشاط وقوة على محاولة الأمور ) صالحين ) أي عريقين في وصف الصلاح مستقيمين على طريقة تدعو إلى الحكمة بوقوع الألفة بينكم واستجلاب محبة الوالد بالمبالغة في بره وبالتوبة من ذنب واحد يكون سبباً لزوال الموجب لداء الحسد الملزوم لذنوب متصلة من البغضاء والمقاطعة والشحناء ، فعزموا على التوبة قبل وقوع الذنب فكأنه قيل : إن هذا لمن أعجب العجب من مطلق الأقارب فضلاً عن الإخوة ، فماذا قالوا عند سماعه ؟ فقيل : ( قال ( ولما كان السياق لأن الأمركله لله ، فهو ينجي من يشاء بما يشاء ، لم يتعلق القصد ببيان الذي كانت على يده النجاة ، فقال مبهماً إشعاراً بأنه يجب قول النصح من أيّ قائل كان ، وأن الإنسان لا يحقر نفسه ببذل النصح على أيّ حال كان : ( قائل ( ثم عينه بعض التعيين فقال : ( منهم ) أي إخوة يوسف عليه الصلاة والسلام ) لا تقتلوا يوسف ( لا بأيديكم ولا بالإلقاء في المهالك ، فإن القتل أكبر الكبائر بعد الشرك ، وكأنه لم يكن في ناحيتهم تلك غير جب واحد فعرفه فقال : ( وألقوه ( وكأنه كان فيه ماء ومكان يمكن الاستقرار فيه ولا ماء به ، فأراده بقوله : ( في غيابت الجب ) أي غوره الغائب عن الأعين ، فإن ذلك كافٍ في المقصود ، وإنكم إن تفعلوا ) يلتقطْهُ بعض السيارة ( جمع سيار ، وهو المبالغ في السير ، هذا ) إن كنتم ( ولا بد ) فاعلين ( ما أردتم من تغيبه عن أبيه ليخلو لكم وجهه ؛ والجب : البئر التي لم تطو ، لأنه قطع عنها ترابها حتى بلغ الماء ، وعن أبي عمرو : إن هذا كان قبل أن يكونوا أنبياء ، فكأنه قيل : إن هذا لحسن من حيث إنه صرفهم عن قتلهن فهل استمروا عليه أو قام منهم قائم في استنزالهم عنه بعاطفة الرحم وود القرابة ؟ فقيل : بل استمروا لأنهم ) قالوا ( إعمالاً للحيلة في الوصول إليه ، مستفهمين على وجه التعجب لأنه كان أحسن منهم الشر ، فكان يحذرهم عليه ) ياأبانا ما لك ( أيّ أي شيء لك في حال كونك ) لا تأمن على يوسف ( لحال ) إنا له لناصحون ( والنصح دليل الأمانة وسببها ، ولهذا قرنا في قوله
77 ( ) ناصح أمين ( ) 7
[ الأعراف : 68 ] والأمن : سكون النفس إلى انتفاء الشر ، وسببه