كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)

صفحة رقم 15
طول الإمهال في الأمرالذي يجوز قطعة بالمكروة فيقع الاغترار بذلك الإمهال من الجهال ، وضده الخوف ، وهو انزعاج النفس لما يتوقع الضر ؛ والنصح : إخلاص العمل من فساد يتعمد ، وضده الغش ، وأجمع القراء علىحذف حركة الرفع في تأمن وإدغام نونه بعد إسكانه تبعاً للرسم ، بعضهم إدغاماً محضاً وبعضهم مع الإشمام ، وبعضهم مع الروم ، دلالة على نفي سكون قلبه عليه عليهما الصلاة والسلام بأمنه عليه منهم على أبلغ وجه مع أنهم أهل لأن يسكن إليهم بذلك غاية السكون ، ولو ظهرت ضمة الرفع عند أحد من القراء فات هذا الإيماء إلى هذه النكتة البديعة .
يوسف : ( 12 - 15 ) أرسله معنا غدا. .. . .
) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ( ( )
ولما كان هذا موضع أن يقال : لأيّ غرض يكون ذلك ؟ قالوا في جوابه : ( أرسله معنا غداً ( إلى مرعانا ، إن ترسله معنا ) يرتع ) أي نأكل ونشرب في الريف ونتسع في الخصب ) ويلعب ) أي نعمل ما تشتهي الأنفس من المباحات تاركين الجد ، وهو كل ما فيه كلفة ومشقة ، فإن ذلك له سار ) وإنا له لحافظون ) أي بليغون في الحفظ ؛ قال أبو حيان : وانتصب ) غداً ( على الظرف ، وهو ظرف مستقبل يطلق على اليوم الذي يلي يومك وعلى الزمن المستقبل من غير تقييد ، وأصل غد غدو ، فحذفت لامه - أنتهى .
فكأنه قيل : ماذا قال لهم ؟ فقيل : ( قال ( ما زاد صدورهم توغراً لأن ما قالوه له هو بحيث يسر به السرور يوسف عليه الصلاة والسلام به ) إني ليحزنني ) أي حزناً ظاهراً محققاً - بما أشار إليه إظهار النون وإثباته لا الابتداء ) أن تذهبوا به ) أي يتجدد الذهاب به مطلقاً - لأني لا أطيق فراقه - ولا لحظة ، وفتح لهم باب يحتجون به عند فعل المراد بقوله جامعاُ بين مشقتي الباطن ، والبلاء - كما قالوا - مؤكل بالمنطق : ( وأخاف ) أي إذا ذهبتم به واشتغلتم بما ذكرتم ) أن يأكله الذئب ) أي هذا النوع كأنه كان كثيراً بأرضهم ) وأنتم عنه ) أي خاصة ) غافلين ) أي عريقون في الغفلة لإقبالكم على ما يهمكم من مصالح الرعي ؛ والحزن : ألم القلب مما كان من فراق المحبوب ، ويعظم إذا مان فراقه إلى ما يبغض ؛ والأكل : تقطيع الطعام بالمضغ الذي بعد البلع ؛ فكأنه قيل : إن تلقيهم لمثل هذا العجب ، فماذا قالوا ؟ فقيل : ( قالوا ( مجيبين عن الثاني بما يلين الأب لإرساله ، مؤكدين ليطيب خاطره ، دالين على القسم بلامه : ( لئن أكله الذئب ونحن ) أي والحال أنا ) عصبة ) أي أشداء تعصب بعضنا لبعض ؛ وأجابوا القسم بما أغنى عن

الصفحة 15