كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)

صفحة رقم 27
والأشد : كمال القوة ، وهو جمع شدة عند سيبوبه مثل نعمة وأنعم ، وقال غيره : جمع شد ؛ قال ابن فارس في المجمل : وبعضهم يقول : لا واحد لها ، ويقال : واحدها شد - انتهى .
قيل : وهذا هو القياس نحو ضب وأضب ، وصك وأصك ، وحظ وأحظ ، وضر وأضر ، وشر وأشر قال الرماني : قال الشاعر :
هل غير أن كثر الأشرّ وأهلكت حرب الملوك أكاثر الأموال
انتهى .
واختلفوا في حد الأشد فقيل : هو من الحلم ، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه من عشرين سنة ، وروى غير ذلك ، والمادة تدور على الصعوبة ، وهي ضد الرخاوة ، ويلزمها القوة ، فالشد على العدو منها ، وشد الحبل وغيره : أحكم فتله ، والشديد والمتشدد : البخيل - لصعوبة البذل عليه ، والشدة : صعوبة الزمان ، وشد النهار : ارتفاعه ، وهو قوته ، وشددت فلاناً : قويت يده ودبرت أمره ، وأشد القوم - إذا كانت دوابهم شداداً فهم مشدون ضد مضعفين .
ولما أخبر تعالى أن سبب النعمة عليه إحسانه ، أتبعه دليله فقال : ( وراودته ) أي راجعته الخطاب ودارت عليه بالحيل ، فهو كناية عن المخادعة التي هي لازم معنى راد يرود - إذا جاء وذهب ) التي ( هي متمكنة منه غاية المكنة بكونه ) هو في بيتها ( وهو في عنفوان الشباب ) عن نفسه ) أي مراودة لم تكن لها سبب إلا نفسه ، لأن المراودة لا يمكن أن تتجاورز نفسه إلاّ بعد مخالطتها - كما تقول : كان هذا عن أمره ، وذلك بأن دارت عليه بكل حيلة ونصبت له أشراك الخداع وأقامت حيناً تفتل له في الذروة والغارب ، وذلك لأن مادة ( راد ) واوية ويائية بجميع تقاليبها السبعة : رود ، ودور ، وورد ، ( ودير ) وردي ، وريد ، ودري - تدور على الدوران ، وهو الرجوع إلى موضع الابتداء ، ويلزم منه القصد والإتيان والإقبال والإدبار والرفق والمهلة وإعمال الحيلة وحسن النظر ، وربما يكون عن غير قصد فتأتي منه الحيرة فيلزم الفساد والهلاك ، يقال : دار فلان يدور - إذا مشى على هيئة الخلقة ، والدهر دواري - لدورانه باهله بالرفع والحط ، والدوار : شبه دوران في الرأس ، ودارة القمر معروفة ، والدائرة : الحلقة والدار تجمع العرصة والبناء - لدوران بنائها وللدوران فيها وللذهاب منها والرجوع إليها ، والداري : الملاح الذي يلي الشرع ، وهو القلع - لأنه يديره على عمود المركب ، أو لأنه يلزم دار السفينة ؛ والرائد : الذي يرتاد الكلأ ، أي يذهب ويجيء في طلبه - لمّا لم يكن

الصفحة 27