كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)
صفحة رقم 32
ففتحه وأراد الخروج فمنعته ) و ( لم تزل تنازعه حتى ) قدت قميصه ( وكان القد ) من دبر ) أي الناحية منه ، وانقطعت منه قطعة فبقيت في يدها ) وألفيا ) أي وجدا مع ما بهما من الغبار والهيئة التي لا تليق بهما ) سيدها ) أي زوجها ، ولم يقل : سيدهما ، لأن يوسف عليه الصلاة والسلام لم يدخل في رق - كما مضى - لأن المسلم لا يملك وهو السيد ) لدا ) أي عند ذلك ) الباب ) أي الخارج ، على كيفية غريبة جداً ، هكذا ينبغي أن يفهم هذا المقام لأن السيد لا يقدر على فتحه فضلاً عن الوصول إلى غيره لتغليق الجميع .
ولما علم السامع أنهما ألفياه وهما على هذاه الحالة كان كأنه قيل : فما اتفق ؟ فقيل : ( قالت ( مبادرة من غير حياء ولا تلعثم ) ما ( نافية ، ويجوز أن تكون استفهامية ) جزاء من أراد ) أي منه ومن غيره كائناً من كان ، لما لك من العظمة ) بأهلك سوءاً ) أي ولو أنه غير الزنا ) إلا أن يسجن ) أي يودع في السجن إلى وقت ما ، ليحكم فيه بما يليق ) أو عذاب أليم ) أي دائم ثابت غير السجن ؛ والجزاء : مقابلة العمل بما هو حقه ، هذا كان حالها عند المفاجأة ، وأما هو عليه الصلاة والسلام فجرى على سجايا الكرام بأن سكت ستراً عليها وتنزهاً عن ذكر الفحشاء ، فكأنه قيل : فماذا قال حين قذفته بهذا ؟ فقيل ) قال ( دافعاً عن نفسه لا هاتكاً لها ) هي ( بضمير الغيبة لاستيحائه عن مواجهتها بإشارة أو ضمير خطاب ) راودتني عن نفسي ( وما قال ذلك إلا حين اضطرته إليه بنسبته إلى الخيانة ، وصدقه لعمري فيما قال لا يحتاج إلى بيان أكثر من الحال الذي كانا فيه ، وهو أنهما عند الباب ، ولو كان الطلب منه لما كانا إلا في محلها الذي تجلس فيه ، وهو صدر البيت وأشرف موضع فيه ) وشهد ( ولما كان كل صالح للشهادة كافياً ، فلم تدع ضرورة إلى تعيينه ، قال : ( شاهد ) أي عظيم ) من أهلها ( لأن الأهل أعظم في الشهادة ، رضيع براءته - نقله الرماني عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما وسعيد ابن جبير ، كما شهد للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) في حجة الوداع صبي من أهل اليمامة يوم ولد بأنه رسول الله ، فكان يدعي : مبارك اليمامة .
فقال ذلك الشاهد ) إن كان ) أي حال المراوغة ) قميصه ) أي فيما يتبين لكم ) قدَّ ) أي شق شقاً مستاصلاً ) من قبل ) أي من جهة ما أقبل من جسده ) فصدقت ( ولا بد من تقدير فعل التبين ، لأن الشروط لا تكون معانيها إلا مستقبلة ولو كانت ألفاظها ماضية .
ولما صدقها ليس قاطعاً في منع صدقه ، قال : ( وهو من الكاذبين ( لأنه لولا إقباله - وهي تدفعه عنها أو تهرب منه وهو يتبعها ويعثر في قميصه - ما كان القد من القبل ) وإن كان ) أي فيما يظهركم لكم ) قميصه ) أي يوسف عليه الصلاة والسلام ) قد