كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)

صفحة رقم 35
أي النسوة ) أكبرنه ) أي أعظمن يوسف عليه الصلاة والسلام جدا إعظاما كرهن ) وقطعن ) أي جرحن جراحات كثيرة ) أيديهن ( وعاد لومهن عذرا ، والتضعيف يدل على التكثير ، فكأن السكين كانت تقع على يد إحداهن فتجرحها فترفعها عن يدهابطبعها ، ثم يغلبها الدهس فتقع على موضع آخر وهكذا ) وقلن حاش ) أي تنزيها عظيما جدا ) لله ) أي الملك الأعلى الذي له صفات الكمال التي خلق بها مثل هذا .
ولما كان المراد بهذا التنزيه تعظيمه ، بينه بقولهن ) ما هذا بشرا ( لأنه فاق الشر في الحسن جدا ، وأعرض عن الشهوة من غير علة نراها مانعة له لأنه في غاية القوة والفحولية ، فكأنه قيل : فما هو ؟ فقلن : ( إن ) أي ما هذا ) هذا ) أي في هذا الحسن والجمال ، وأعدن الإشارة دفعا لإمكان الغلط ) إلا ملك كريم ( وذلك لما ركز في الطباع من نسبة كل معنى فائق إلى الملائكة من الحسن والعفة وغيرهما وإن كانال غي مرئيين ، كما ركز فيها نسبة ضد ذلك إلى الجن والشياطين ، فكأنه قيل : فما قالت لهن امرأة العزيز ؟ فقيل ك ) قالت فذلكن ) أي الفتى العالي جدا ) الذي لمتني فيه (
ولما علمت أنهن عذرنها ، قالت مؤكدة استلذاذا بالتهتك في حبه ) ولقد ) أي أقول هذا الحال أني والله لقد تحقق أني ) راودته عن نفسه ) أي لأصل إليه بما أريد ) فاستعصم ) أي فأوجد العصمة ولاامتناع علي فاشتد اعتصامه ، وما أنا براجعة عنه ، ثم توعدته وهو يسمع ليلين ، فقالت لهن مؤكدة لأن حالهاحبها يوجب الإنكار لأن تفعل ما يؤذي المحبوةب : ( ولئن لم يفعل ) أي هذا الفتى الذي قام عذري عندكن فيه ) ما أمره ) أي أمري ) ليسجنن ) أي ليمنعن من التصرف بالحبس بأيسر سعي مني ، ولما كان عزمها على السجن أقوى من العزم على إيقاع الصغار به ، أكدتهع بالنون الثقيلة وقالت : ( وليكونا ( بالنون الخفيفة ) من الصاغرين ) أي الأذلاء ، أو أن الزيادة في تأكيد السجن لأنه يلزم منه إبعاده ، وإبعاد الحبيب أولى بإنكار من إهانته ، فقال له النسوة : أطعها لئلا تسجنك وتهينك ، فكأ ، ه قيل : فما قال ؟ فقيل : ( قال ( يهتف بمن فنى بشهوده عن كل مشهود ، دافعا عن نفسه ما ورد عليه من وسوسة الشيطان يفي أمر جمالها وأمر رئاستها ومالها ، ومن النسوة اللاتي نوعن له القول يف يالترغيب والترهيب عالما بأن القوة البشرية تضعف عن حمل مثل هذا إلا بتأييد عظيم ، مسقطا للأداة على عادة أهل القرب ) رب السجن ( وهو محيط مانع من الاضطراب فيما خرج عنه ) أحب إلي ) أي أقل بغضا ) ما يدعونني ) أي هؤلاء النسوة كلهن ) إليه ( لما علم من سوء عاقبة المعصية بعد سرعة انقضاء اللذة ، وهذه العبارة بدل على غاية البغض لموافقتها ، فإن السجن لا يتصور حبه عادة ، وإنما المعنى أنه لو كان يتصور الميل إليه كان ميلي إليه أكثر ، لكنه ل يتصور الميل إليه لأنه شر محض ، ومع ذلك فأنا

الصفحة 35