كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)

صفحة رقم 44
أدى إلى ظن ، فقال : ( وقال ) أي يوسف عليه الصلاة والسلام ) للذي ظن ( مع الجزم بأنه أراد به العلم لقوله : ( قضى الأمر ( ، ويجوز أن يكون ضمير ( ظن ) للساقي ، فهو حينئذ على بابه ) انه تاج منهما ( وهو الساقي ) اذكرني عند ربك ) أي سيدك ملك مصر ، بما رأيت مني من معالي الأخلاق وطهارة الشيم الدالة على بعدي مما رُميت به ، والمراد بالرب هنا غير المراد به في قوله :
77 ( ) أرباب متفرقون ( ) 7
[ يوسف : 39 ] .
فنجا الساقي وصلب صاحبه وفق ما قال لهما يوسف عليه الصلاة والسلام ) فأنساه ) أي الساقي ) الشيطان ) أي البعيد من الرحمة المحترق باللعنه ) ذكر ( يوسف عليه الصلاة والسلام عند ) ربه ) أي بسبب اعتماده عليه في ذلك ) فلبث ) أي يوسف عليه الصلاة والسلام بسبب هذا النسيان ) في السجن ( من حين دخل إلى أن خرج ) بضع سنين ( ليعلم أن جميع الأسباب إنما أثرها بالله تعالى ، وحقيقة البضع من الثلاث إلى التسع ، والمروي هنا أنه كان سبعاً .
ذكر ما مضى من هذه القصة من التوراة قال بعد ما مضى : فأهبط المدينيون يوسف إلى مصر ، فاشتراه قوطيفر الأمير صاحب شرطة فرعون - رجل مصري - من يد الأعراب الذين اهبطوه إلى هناك ، فكان الرب سبحانه وتعالى بعونه مع يوسف ، وكان رجلاً منجحاً ، وأقام في منزل المصري سيده ، فرأى سيده أن الرب بعونه معه ، وأن الرب ينجح جميع أفعالهن فظفر يوسف منه برحمة ورأفة فخدمه ، وسلطه على بيته ، وخوله جميع ما له ، ومن اليوم الذي سلطه على بيته وخوله جميع ما له بارك الرب في بيت المصري من أجل يوسف وفي سببه ، فحلَّت بركة الرب في جميع ما له في البيت والحقل ، فخول كل شيء له ، ولم يكن يعلم بشيء مما له في يده لثقته به ما خلا الخبز الذي كان يأكله ، وكان يوسف حسن المنظر صبيح الوجه .
فلما كان بعد هذه الأمور لمحت امرأة سيده بنظرها إلى يوسف فقالت له : ضاجعني : فأبى ذلك وقال لامرأة سيده : إن سيدي لثقته بي ليس يعلم ما في بيته ، وقد سلطني على جميع ما له ، وليس في هذا البيت اعظم مني ، ولم يمنعني شيئاً ما خلاك أنت لأنك امرأته ، فكيف أرتكب هذا الشر العظيم ، فأخطئي بين يدي الله ، وإذا كانت تراوده كل يوم لم يطعها ليضاجعها ويصير معها ، فبينا هو ذات يوم دخل يوسف إلى البيت ليعمل عملاً ولم يكن أحد من أهل البيت هناك ، فتعلقت بقميصه وقالت له : ضاجعني ، فترك

الصفحة 44