كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)

صفحة رقم 518
وقصدوا قتله على وجه معرب عن شأنه غاية الإعراب ، مبين فيه وجه الصواب ، متمما لتبكيت اليهود الآمرين لقريش بالتعنت بالسؤال بالإشارة إلى قتل زكريا ويحيى عليهما الصلاة والسلام وإعاء صلب المسيح الذي بشرت به التوراة ، وهم الآن ينتظرونه ويدعون أنهم أخص الناس به ، وقذف أمه - وحاشاها - دالا بذلك على القدرة على البعث ، قال في التوراة في آخر السفر الأول : إن يعقوب عليه الصلاة والسلام أخب ربقرب وفاته وقال لبنيه : اجتمعوا إلى فأبين لكم ما هو كائن من أمركم في آخر الأيام ، اجتمعوا واسمعوا يا بني يعقوب انصتوا لإسرائيل أبيكم ثن قال : يا يهوذا لك يعترف إخوتك بتعالى يدك على رقاب أعدائك ، وليسجد لك بنو أبيك ، شبل الليث ، من ذا يقيمه عن فريسته ، لا يزول القضيب من آل يهوذا ، لا يعدم سبط يهوذا ملكا مسلطا وأفخاده نبيا مرسلا حتى يأتي الذي له الملك - وفي نسخة : الكل - وإياه تنتظر الشعوب ، يربط بالحبلة جحشه عيناه أشد شهولة من الخمر ، وأسنانه أشد بياضا من اللبن - هذا نصه ، وعند اليهود أنه المسيح ، ويسمونه مع ذلك المنتظر والمهدي ، وعندهم أنه ينصرهم ويخلصهم مما هم فيه من الذل ، فقلت لبعضهم : أشهد أنه المسيح ابم مريم الذي أتى وتبعه النصارى وعاديتموه حتى رفعه الله تعالى ، فقال الذي في التوارة أنه يكون له الكل ، وعيسىة مل كان كذلك ، فقلت : إنه يكون له الكل حين ينزل تابعا لديننا من حيث إنه لا يقبل إلا الإسلام ، قيطبق أهل الأرض على إتباعهخ عليه ، ويسعد به منكم من يتبعه ، ويزول عنه الذل ، هذا لا يناف كلام التوراة فإنه لم يقيد ذلك بساعة إتيانه. فلم يقبل ذلك ، ثم إنه أتى إلي يوما بكتاب من كتبهم في شرح سفر الأنبياء فقال في الكلام على البشائر المتعلقة بالمسيح " ولا يبعد أن يبدو لإسرائيل ثم يختقي ثم يظهر فيكون له الكل " فقلت له : انظر وتبصر هذا عين ما ذكرته لك من قبل فبهت لذلك فقلت : أطعني وأسلم ففكر ثم قال : حتى يريد الله تعالى .
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير في برهانه : لما قال تعالى ) أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ( ثم أورد خبرهم وخبر الرجلين وموسى والخضر عليهما السلام وقصة ذي القرنين ، أتبع سبحانه ذلك بقصص تضمنت من العجائب ما هو أشد عجبا وأخفى سببا ، فافتتح سورة مريم بيحيى بن زكريا وبشارة زكريا به بعد الشيخوخة وقطع الرجاء وعقر الزوج حتى سأل زكريا مستفهما ومتعجبا ) أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا ) [ مريم : 8 ] فأجابه تعالى بأن ذلك عليه هين ، وأنه يجعل ذلك آية للناس ، وأمر هذا أعجب من القصص المتقدمة ، فكان

الصفحة 518