كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)

صفحة رقم 521
قتل في حياته ، ولا يكون وارثاً إلا إذا تخلف بعده ، وقد قال تعالى
77 ( ) فاستجبنا له ووهبنا له يحيى ( ) 7
[ الأنبياء : 90 ] قال : فتجعل استئنافية ، ولا يلزم حينئذ إلا خلف ظنه عليه السلام - هكذا نقل لي عنه ، وأنا أجلّه عن ذلك ، لأنه لا يلزم تخلف دعائه ولا يتجرأ على عليّ مقامه بإخلاف ظنه ، لأن الإخبار عن قتله قبله إن كان عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وصح السند ، كان تسمية العلم الذي أخذه عنه في حياته إرثاً مجازاً مرسلاً باعتبار ما يؤول إليه في الجملة ، لا سيما مع جواز أن يكون يحيى عليه السلام علَّمه لمن عاش بعد أبيه عليهما الصلاة والسام ، وذلك لأن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) سمى العلم إرثاً على وجه الاستعارة التبعية بقوله عليه الصلاة والسلام ( العلماء ورثة الأنبياء ) ولا شك أن من ضرورة تعلم العلم حياة المأخوذ عنه ، ولم يرد منع من تسميته إرثاً حال الأخذ ، هذا إذا صح أن يحيى عليه السلام مات قبل زكريا عليه السلام ، وحينئذ يؤول ) من وراءي ( بما غاب عنه ، أي عجزت عن تتبع أفعال الموالي بنفسي في حال الكبر ، وخفت سوء فعلهم إذا خرجوا من عندي وغابوا عني ، فهب لي ولداً يكون متصفاً بصفاتي ، فكان ما سأله ، وإن لم يصح موته قبله بالطريق المذكور لم يصح أصلاً ، وينتفي الاعتراض رأساً ، فإن التواريخ القديمة إنما هي عن اليهود فهي لا شيء ، مع أن البغوي نقل في أول تفسير سورة بني إسرائيل ما يقتضي موت زكريا قبل يحيى عليهما الصلاة والسلام ، فإنه قال : آخر من بعث الله فيهم من أنبيائهم زكريا ويحيى وعيسى عليهم الصلاة والسلام ، وكانوا من بيت آل داود عليه السلام فمات زكريا عليه السلام ، وقيل : قتل ، فلما رفع الله عيسى عليه الصلاة والسلام من بين أظهرهم وقتلوا يحيى ابتعث الله عليهم ملكاً من ملوك بابل يقال له خردوش فسارإليهم بأهل بابل حتى دخل عليهم الشام ، فلما ظهر عليهم أمر رأساً من رؤوس جنوده يدعى بيوزردان صاحب الفيل فقال : إني كنت قد حلفت بإلهي : لئن أنا ظهرت على أهل بيت المقدس لأقتلنهم حتى تسيل دماؤهم في وسط عسكري إلا أن لا أجد أحداً أقتله ، فأمره أن يقتلهم حتى يبلغ ذلك منهم ، وأن بيوزردان دخل بيت المقدس فقام في البقعة اليت كانوا يقربون فيها قربانهم ، فوجد فيها دماً يغلي فقال : يا بني إسرائيل ما شأن هذا الدم يغلي ؟ قالوا : هذا دم قربان لنا قربناه فلم يقبل منا ، فقال : ما صدقتموني ، قالوا : لو كان تأول زماننا لتقبل منا ، ولكن قد انقطع منا الملك والوحي فلذلك لم يقبل منا ، فذبح منهم بيوزردان على ذلك الدم سبعمائة وسبعين رجلاً

الصفحة 521