كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)

صفحة رقم 522
من رؤوسهم فلم يهدأ ، فأتى بسبعمائة غلام من غلمانهم فذبحهم على الدم يهدأ ، فأمر بسبعة آلاف من شيبهم وأزواجهم فذبحهم على الدم فلم يبرد ، فلما رأى بيوزردان أن الدم لا يهدأ قال لهم : يا بني إسرائيل ويلكم أصدقوني واصبروا على أمر ربكم ، فقد طال ما ملكتم الأرض تفعلون فيما ما شئتم قبل أن لا أترك منكم نافخ نار أنثى ولا ذكر إلا قتلته ، فلما رأوا الجد وشدة القتل صدقوا الخبر فقالوا : إن هذا دم بني كانوا ينهانا عن أمور كثيرة من سخط الله عز وجل ، فلو أطعناه فيها لكان أرشد منا ، وكان يخبرنا بأمركم فلم نصدقه فقتلناه فهذا دمه ، فقال لهم بيوزردان : ما كان اسمه ؟ قالوا : يحيى بن زكريا ، قال : الآن صدقتموني ، بمثل هذا ينتقم منكم ربكم ، فلما رأي بيوزردان أنهم صدقوه خر ساجداً وقال لمن حوله : أغلقوا أبواب المدينة وأخرجوا من كان ههنا من جيش خردوش ، وخلا في بني إسرائيل ، ثم قال : يا يحيى بن زكريا قد علم ربي وربك ما قد أصاب قومك من أجلك وما قتل منهم فاهدأ بإذن الله قبل أن لا أبقي من قومك أحداً ، فهدأ الدم بإذن الله تعالى ، ورفع بيوزردان عنهم القتل وقال : آمنت بالذي آمن به بنو إسرائيل وأيقنت أنه لا رب غيره ، وقال لبني إسرائيل : إن خردوش أمرني أن أقتل منكم حتى تسيل دماؤكم وسط عسكره ، وإني لست أستطيع أن أعصيه ، قالوا له : افعل ما أمرت به ، فأمرهم فحفروا خندقاً وأمر بأموالهم من الخيل والبغال والحمير والإبل والبقر والغنمن فذبحها حتى سال الدم في العسكر ، وأمر بالقتلى الذين قتلوا قبل ذلك فطرحوا على ما قتل من مواشيهم ، فلم يظن خردوش إلا أن ما في الخندق من بني إسرائيل ، فلما بلغ الدم عسكره أرسل بيوزردان أن ارفع عنهم القتل ، ثم انصرف إلى بابل وقد أفنى بني إسرائيل أو كاد .
فهذا كما ترى ظاهر في أن يحيى تخلف بعد أبيه عليهما الصلاة والسلام وكذا ما تقدم في آل عمران عن الإنجيل في قصة ولادته .
ولما ختم دعاءه بقوله : ( واجعله رب ) أي أيها المحسن إلي ) رضياً ) أي بعين الرضا منك دائماً حتى يلقاك على ذلك ، قيل في جواب من كأنه قال : ماذا قال له ربه الضي أحسن الظن به ؟ : ( يا زكريا إنا ) أي على ما لنا من العظمة ) نبشرك ( إجابة لدعائك ؛ وقراءة الجماعة غير حمزة بالتشديد أوفق من قراءة حمزة للتأكيد الذي جيء به ، لأن المبشر به لغرابته جدير بالإنكار ) بغلام اسمه يحيى ( ثم وصفه بما عرف به أن مما شرفه به أن ادخر له هذا اتلاسم فقال : ( لم نجعل له ( فيما مضى ، ولعله أتى بالجار الدال على التبعيض تخصيصاً لزمان بني إسرائيل قومه فقال : ( من قبل سمياً ( فكأنه قيل : ما قال في جواب هذه البشارة العظمى ؟ فقيل : ( قال ( عالماً بصدقها طالباً

الصفحة 522