كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)
صفحة رقم 535
) وهم ( حال من ) أنذرهم ) أي والحال أنهم الآن ) في غفلة ( عما قضينا أن يكون في ذلك الوقت من أمره ، لا شعور لهم بشيء منه ، بل يظنون أن الدهر هكذا حياة وموت بلا آخر ) وهو لا يؤمنون ( بأنه لا بد من كونه ؛ وفي الصحيح ما يدل على أن يوم الحسرة حين يذبح الموت فقد روى مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح فيقال : يا أهل الجنة هل تعرفون هذا ، فيشرئبون وينظرون ويقولون : نعم هذا الموت ، ويقال : يا أهل النار هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون : نعم هذا الموت ، فيؤمر به فيذبح ، ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت ، ) ثم قرأ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وفي وراية : فذلك قوله ) وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر ( ( الآية .
وأما الغفلة ففي الدنيا ، روى ابن حبان في صحيحه عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ) إذ قضي الأمر وهم في غفلة ( قال ( في الدنيا .
) قال المنذري : وهو في مسلم بمعناه في آخر حديث .
ولما كان الإرث هو حوز الشيء بعد موت أهله ، وكان سبحانه قد قضى بموت الخلائق أجمعين ، وأنه يبقى وحده ، عبر عن ذلك بالإرث مقرراً به مضمون الكلام السابق ، فقال مؤكدا تكذيباً لقولهم : إن الدهر لا يزال هكذا ، حياة لقوم وموت لآخرين ) إنا نحن ( بعظمتنا التي اقتضت ذلك ولا بد ، وأفاد الأصبهاني أن تأكيد اسم ) إن ( أفاد أن الإسناد إليه سبحانه لا إلى أحد من جنده ) نرث الأرض ( فلا ندع بها عامراً من عاقل ولا غيره .
ولما كان العاقل أقوى من غيره ، صرح به بعد دخوله فقال : ( ومن عليها ) أي من العقلاء ، بأن نسلبهم جميع ما في أيديهم ) وإلينا ( لا إلى غيرنا من الدنيا وجبابرتها إلى غير ذلك ) يرجعون ( معنى في الدنيا وحساً بعد الموت .
ولما ذم الضالين في أمر المسيح ، وعلق تهديدهم بوصف دخل فيه مشركو العرب ، فأنذرهم بصريح تكذيبهم بالبعث ، وغيرهم بأنهم لسوء أعمالهم كالمكذبين به ، وختم ذلك بأنه الوارث وأن الرجوع إليه ، ودخل في ذلك الإرث بغلبة أنبيائه وأتباعهم على أكثر أهل الأرض برجوع أهل الأديان الباطلة إليهم حتى يعم ذلك جميع أهل الأرض في زمن عيسى عليه الصلاة والسلام ، وكان إبراهيم عليه السلام لكثرة أولاده من العرب والروم وأهل الكتابين وراثاً لأكثر الأرض ، وكان مثل زكريا في هبة الولد على