كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)
صفحة رقم 543
وقال : لا يروى عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد ، وقال الحافظ نور الدين : إبراهيم المصيصي متروك .
قلت وفي لسان الميزان لتلميذه شيخنا حافظ العصر ابن حجر عن الذهبي أنه كذاب ، وعن ابن حبان أنه كان يسوي الحديث ، أي يدلس تدليس التسوية .
وفي تفسير البغوي عن وهب قريب من هذا ، وفيه أنه سأل ملك الموت أن يقبض روحه ويردها إليه بعد ساعة ، فأوحى الله إليه أن يفعل ، وفيه أنه احتج في امتناعه من الخروج بأن كل نفس ذائقة الموت وقد ذاقه ، وأنه لا بد من ورود النار وقد وردها ، وأنه ليس أحد يخرج من الجنة ، فأوحى الله إلى ملك الموت : بإذني دخل الجنة - يعني : فخلِّ سبيله - فهو حي هناك .
وفي تفسير البغوي أيضاً عن كعب وغيره أن إدريس عليه السلام مشى ذات يوم في حاجة فأصابه وهج الشمس فقال : يا رب فكيف بمن يحملها ؟ اللهم خفف عنه من ثقلها ، فخفف عنه فسأل ربه عن السبب فأخبره فسأل أن يكون بينهما خلة ، فأتاه فسأله إدريس عليه السلام أن يسأل ملك الموت أن يؤخر أجله ، فقال : لا يوخر الله نفساً إذا جاء أجلها ، وأنا مكمله ، فرفع إدريس عليه السلام فوضعه عند مطلع الشمس ، ثم أتى ملك الموت وكلمه فقال : ليس ذلك إليّن ولكن إن أحببت أعلمته أجله فيتقدم في نفسه ، قال : نعم فنظر في ديوانه فقال : إنك كلمتني في إنسان ما أراه يموت أبداً ، قال : وكيف ذلك ؟ قال : لا أجده يموت إلا عند مطلع الشمس ، قال : فإني أتيتك وتركته هناك ، قال : انطلق فلا أراك تجده إلا وقد مات ، فوالله ما بقي من أجل إدريس - عليه السلام - شيء ، فرجع الملك فوجده ميتاً .
ومن جيد المناسبات أن إسماعيل وإدرس عليهما الصلاة والسلام اشتركا في البيان بالعلم واللسان ، فإسماعيل عليه السلام أول من أجاد البيان باللسان ، وإدريس عليه السلام أول من أعرب الخطاب بالكتاب ، فقد روى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( أول من فتق لسانه بهذه العربية إسماعيل عليه السلام ) .
ولأ حمد عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( أول من خط بالقلم إدريس عليه السلام ) .
ولما انقضى كشف هذه الأخبار ، العلية المقدار ، الجليلة الأسرار ، شرع سبحانه ينسب أهلها بأشرف نسبهم ، ويذكر أمتن سببهم هزاً لمن وافقهم في النسب إلى الموافقة في السبب فقال : ( أولئك ) أي العالو الرتب ، الشرفاء النسب ) الذين أنعم الله ( بما له من صفات الكمال التي بها أقام آدم عليه السلام وهمم في ظهره ، مع طبعه عليه من الأمور المتضادة حتى نجاه من مكر إبليس ، ونجى بها نوحاً عليه السلام وهم في صلبه