كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)

صفحة رقم 548
للمقصود بالذات ، وهو الراحة الدائمة بالوراثة لدار الخلد على وجه الإقامة المستمرة ، وصفة الملك الذي لا كدر فيه بوجه وال تخلف عن مراد ، أتبعه ما بعده إشارة إلى ما تنال به التقوى ، وهو الوقوف مع الأمر مراقبة للأمر على
77 ( ) وبالحق أنزلناه ( ) 7
[ الإسراء : 105 ] لأنه لما كان العلم واقعاً بأن جميع سورة الكهف شارحة لمسألتين من مسائل قريش ، وبعض سورة سبحان شارح للثالثة ، ولطول الفصل صدرت قصة ذي القرنين بقوله ) ويسألونك ( إعلاماً بعطفها على مسألة الروح المصدرة بمثل ذلك ، وجاءت سورة مريم كاشفة - تبكيتاً لأهل الكتاب الكاتمين للحق - عن أغرب من تلك القصص زأقدم زماناً وأعظم شأناً من أخبار الأنبياء المذكورين ومن أسرع التبديل بعدهم بإضاعة الصلاة واتباع الشهوات ، فثبت بذلك أن هذا كله مرتب لإجابة سؤالهم وأنه كلام الله قطعاً ، إذ لو كان من عند النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ما وعدهم الإجابة في الغد إلا وهو قادر عليها ، لما هو معلوم قطعاً من رزانة عقله ، وغزارة فطنته ، ومتانة رأيه ، ولو قدر على ذلك ما تركهم يتكلمون في عرضه بما الموت أسهل منه ، لما علم منه من الشهامة والأنفة والبعد عما يقارب الشين ، وبان بذلك أن الله سبحانه وعز شأنه ما أجمل أمر الروح ولا أخر الإجابة خمس عشرة ليلة أو أقل أو أكثر من عجز ولا جهل ، وثبت بذلك كله وبما بين من صنعه لأهل الكهف ولذي القرنين وفي ولادة عيسى وإسحاق عليهم الصلاة والسلام تمام قدرته المستلزم لكمال علمه ، وكان الإخبار عن ذلك مطابقاً للواقع الذي ثبت بعضه بالنقل الصحيح وبعضه بأدلة العقل القاطعة ، ثبت مضمون قوله تعالى ) وبالحق أنزلناه وبالحق نزل ( وأن هذا الكتاب قيم لا عوج فيه ، فعطف عليه الجواب عن قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لجبرئيل عليه الصلاة والسلام ( لقد أبطات عليّ يا جبرئيل حتى سؤت ظناً ) ونحوه مما ذكر في أسباب النزول ، فقال على لسان جبرئيل عليه الصلاة والسلام : ( وما نتنزل ) أي أنا ولا أحد من الملائكة بإنزال الكتاب ولا غيره ) إلا بأمر ربك ( المحسن إليك في جميع الأمر في التقديم والتأخير لئلا يقع في بعض الأوهام أنه حق في نفسه ، ولكنه نزل بغير أمره سبحانه ، ووقع الخطاب مقترناً بالوصف المفهم لمزيد الإكرام تطييباً لقلبه ( صلى الله عليه وسلم ) وإشارة إلى أنه محسن إليه ، ولفظ التنزل مشير إلى الإكرام ، وهو التردد مرة بعد مرة ووقتاً غب وقت ، ولا يكون إلا لذلك لأن النزول للعذاب يقتضي به الأمر في مثل لمح البصر ، وكان هذا عقب ذكر القيامة بذكر الجنة كما كان المعطوف عليه عقب
77 ( ) فإذا جاء وعد الآخرة ( ) 7
[ الإسراء : 7 ] وكما كان ختام مسائلهم بذكر الآخرة في قوله
77 ( ) فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء ( ) 7
[ الكهف : 98 ] - إلى

الصفحة 548