كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)
صفحة رقم 556
بالموت كحيلولة الوارث بين الموروث وبين الموروث عنه ) ويأتينا ( في القيامة ) فرداً ( مسكيناً منعزلاً عن كل شيء لا قدرة له على مال ولا ولد ، قلا عز له ، ولا قوة بشيء منهما ؛ روى البخاري في التفسير عن خباب رضي الله عنه قال : كنت قيناً بمكة فعملت للعاص بن وائل السهمي سيفاً ، فجئت أتقاضاه فقال : لا أعطيك حتى تكفر بمحمد ، قلت : لا أكفر بمحمد حتى يميتك الله ثم يحييك ، وفي رواية : حتى تموت ثم تبعث ، قال : وإني لمبعوث من بعد الموت ؟ قلت : نعم قال : فذرني حتى أموت ثم أبعث فسوف أوتى مالاً وولداً فأقضيك ، فنزلت هذه الآية ) أفرأيت الذي - إلى قوله : فرداً ( .
ولما أخبر تعالى بالبعث ، وذكر أن هذا الكافر يأتيه على صفة الذل ، أتبعه حال المشركين مه معبوداتهم ، فقال معجباً منهم عاطفاً على قوله ويقول الإنسان : ( واتخذوا ) أي الكفار ، وجمع لأن نفي العز عن الواحد قد لا يقتضي نفيه عما زاد ) من دون الله ( وقد تبين لهم أنه الملك الأعلى الذي لا كفوء له ) ءالهة ليكونوا لهم ) أي الكافرين ) عزاً ( لينقذوهم من العذاب .
ولما بين أنه لا يعزه مال ولا ولد ، وكان نفع الأوثان دون ذلك بلا شك ، نفاه بقوله : ( كلاًّ ( بأداة الردع ، لأن ذلك طلب للعز من معدن الذل من العبيد الذين من اعتز لهم ذلن فإنهم مجبولون على الحاجة ، ومن طلب العز للدنيا طلبه من العبيد لا محالةن فاضطر قطعاً - لبنائهم على النقص - إلى ترك الحق واتباع الباطل ، فكانت عاقبة أمره الذل وإن طال المدى ، فإن الله تعالى ربما أمهل المخذول إلى أن ينتهي في خذلانه إلى أن يستحق لباس الذل ؛ ثم بين سبحانه ذلك بما يكون منهم يوم البعث فقال : ( سيكفرون ) أي الآلهة بوعد لا خلف فيه وإن طال الزمان ) بعبادتهم ) أي المشركين ، فيقولون لهم
77 ( ) ما كنتم إياناً تعبدون ( ) 7
[ يونس : 28 ]
77 ( ) إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ( ) 7
[ البقرة : 116 ] ) ويكونون عليهم ) أي الكفار ؛ ووحد إشارة إلى اتفاق الكلمة بحيث إنهم لفرط تضامنهم كشيء واحد فقال : ( ضداً ) أي أعداء فيكسبونهم الذل ، وكذا يفعل الكفار مع شركائهم ويقولون ) والله ربنا ما كنا مشركين ( فيقع بينهم العداوة كما قال تعالى
77 ( ) ثم يوم القيامة يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً ( ) 7
[ العنكبوت : 25 ] .
ولما كان من المستبعد عندهم جواز رجوعهم عنهم فضلاً عن كفرهم بهم ، دل