كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)
صفحة رقم 6
قص الأثر - تثبيتاً لفؤادك وتصديقاً لنبوتك وتأييداً على أحسن ترتيب وأحكم نظام وأكمل وأوفى تحرير وأبدع طريقة مع ما نفصلها به من جواهر الحكم وبدائع المعاني من الأصول والفروع ، وهي قصة يوسف عليه السلام قصة طويلة هي في التوراة في نيف وعشرين ورقة لا يضبطها إلاّ حذاق أخبارهم ، من تأمل اقتصاصها فيها أو في غيرها من تواريخهم ذاق معنى قوله تعالى
77 ( ) أحسن القصص ( ) 7
[ يونس : 3 ] حتى لقد أسلم قوم من اليهود لما رأوا من حسن اقتصاصها ، روى البيهقي في أواخر الدلائل بسنده عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ( أن حبراً من اليهود دخل على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ذات يوم وكان قارئاً للتوراة فوافقه وهو يقرأ سورة يوسف عليه السلام كما أنزلت على موسى عليه السلام في التوراة فقال له الحبر : يا محمد من علمكها ؟ قال : ( الله علمنيها ( فرجع إلى اليهود فقال لهم : أتعلمون والله أن محمداً ليقرأ القرآن كما أنزل في التوراة فانطلق بنفر منهم حتى دخلوا عليه فعرفوه بالصفة ونظروا إلى خاتم النبوة بين كتفيه ، فجعلوا يستمعون إلى قراءته لسورة يوسف ، فتعجبوا منه وقالوا : يا محمد من علمكها ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) علمنيها الله ( فأسلم القوم عند ذلك ) .
وقد منها سبحانه من النكت والعبر والحكم أمراً عظيماً ، وذكر فيها حسن مجاورة يوسف عليه الصلاة والسلام لإخوته وصبره على أذاهم وحلمه عنهم وإغضاءه عند لقائهم عن تبكيتهم وكرمه في العفو ، والأنبياء والصالحين والملائكة والشياطين والإنس والجن والأنعام والطير وسائر الملوك والمماليك والتجار والعلماء والجهال والرجال والنساء ومكرهن والتوحيد والنبوة والإعجاز والتعبير والسياسة والمعاشرة وتدبير المعاش وجميع الفوائد التي تصلح للدين والدنيا ، وذكر الحبيب والمحبوب ، ولم يدخل فيها شيئاً من غيرها دون سائر القصص ، وكان عقابها إلى خير وسلامة واجتماع شمل وعفو من الله وتجاوز عن الكل ) بما اوحينا ) أي بسبب إيحائنا ) إليك ( .
ولما كان إنزال القرآن مجمع الخيرات ، عين المراد بالإشارة واسم العلم فقال : ( هذا القرآن ( الذي قالوا فيه : إنه مفترى ، فنحن نتابع فيه القصص بعد قصة