كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)

صفحة رقم 64
فقال يوسف عليه الصلاة والسلام لفرعون : الرؤيا يا فرعون واحدة ، أطلع الله فرعون على ما هو مزيع أن يفعله ، السبع بقرات الحسان والسبع سنبلات الحسان هي سبع سنين : خير ، الرؤيا واحدة ، والسبع بقرات الضعيفات المهزولات اللاتي صعدان بعدهن والسبع سنبلات المهزولات اللاتي ضربها ريح السموم تكون سبع سنين : جوع ، وهذا القول الذي قلت لفرعون .
إن الله أظهر ما هو مزمع عتيد أن يفعله ، وها هذه سبع سنين يأتي الشبع والخصب العظيم جميع أرض مصر ، ويأتي بعدها سبع سنين أخر يكون فيها الجوع ، وينسى جميع الشبع ، والخصب الذي كان في جميع أرض مصر ، فيبيد أهل الأرض من الجوع من أجل الغم الذي يأتي من بعد لكثرته وشدته ، وإنما أعيدت الرؤيا لفرعون ثاني مرة ، لأن الأمر معد بين يدي الرب ، والله معجل فعله .
والآن فلينظر فرعون رجلاً حكيماً فهماً .
فيوليه أرض مصر ، فيقاسم أهل مصر على الخمس في السبع السنين ، فيجمعوا جميع أفقال هذه السنين الخصبة الآتية ، ويخزنوا الأفقال تحت يدي فرعون ، ويحفظ القمح في القرى ، وليكن الفقل معداً محفوظاً لأهل مصر لسبع سني الجوع المزمع أن يكون في جميع أرض مصر ، ولا يبيد أهل الأرض بالجوع .
فحسن هذا القول عند فرعون وعند عبيده ، فقال فرعون لقواده : هل يوجد مثل هذا الرجل الذي روح الله حالّ فيه ؟ ثم قال فرعون ليوسف عليه الصلاة والسلام : إذا أطلعك الله على هذا كله ، ليس أحد منها مثلك ، أنت المسلط على بيتي ، وعن أمرك وقولي فيك يقبل جميع الشعب ، وإنما أنا أعظم منك بالمنبر فقط ، وقال فرعون ليوسف : انظر فقد وليتك جميع أرض مصر ، وخلع فرعون خاتمه من خنصره ، فوضعه في خنصر يوسف عليه الصلاة والسلام ، وألبسه ثياب كتان ، وطوقه بطوق من ذهب ، وحمله على بعض مراكبه ، ونادى بين يديه : هذا أب ومسلط ، وسلطانه على جميع أرض مصر ، ثم قال فرعون ليوسف عليه الصلاة والسلام : إني قد أمرت أن لا يكون أحد يشير بيديه أو يخطو بقدميه دون أمرك في جميع أرض مصر .
ودعا فرعون اسم يوسف : موضح الخفايا ، زوجه بأسنة - وفي نسخة : بأسنات - بنت قوطفيرع إمام إسكندرية - وفي نسخة : حبر وان - فخرج يوسف عليه والياً على جميع أرض إمام مصر ، وكان قد أتى على يوسف ثلاثون سنة إذ وقف بين يدي فرعون ، فطاف في جميع أرض مصر .
وأغلّت الأرض في جميع السبع سني الخصب ، ملأ الخزائن وجمع الأقفال في القرى ، جمع قمح حقول كل قرية وما أحاط بها فخزنة فيها ، وخزن يوسف عليه الصلاة

الصفحة 64