كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)

صفحة رقم 7
والحكم حكمة في أثر حكمة حتى لا يشك شاك ولا يمتري ممتر في أنه من عندنا وبإذننا ويكون أمره في البعد من اللبس أظهر من الشمس .
ولما كانوا مع معرفتهم به ( صلى الله عليه وسلم ) عارفين بأنه كان مباعداً للعلم والعلماء ، وكان فعلهم في التكذيب فعل من ينكر ذلك ، قال : ( وإن ) أي وإن الشأن والحديث ) كنت ( ولما كان كونه لم يستغرق الزمان الماضي ، أثبت الجار فقال : ( من قبله ) أي هذا الكتاب أو إيحائنا إليك به ) لمن الغافلين ) أي عن هذه القصة وغيرها ، مؤكداُ له بأنواع التأكيد ، وهو ناظر إلى قوله آخرها ) وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون ( بعد التفاته عن كثب إلى آخر التي قبلها ل ) وما ربك بغافل عما تعملون ( والحسن : معنى يتقبله العقل ويطرق إلى طلب المتصف به أنواع الحيل ، ومادة ، غفل ، بكل ترتيب تدور على الستر والحجب ، من الغلاف الذي يوضع فيه الشيء فلا ينظر منه شيئاً ولا ينظره شيء ما دام فيه ، ومنه الغفلة - للجلدة التي التي على الكمرة ، والغفل - بالضم : ما لا علاقة له من الأرض ، ودابة غفل ، لا سمة لها ، لأن عدم العلامة مؤدٍ إلى الجهل بعا فكأنها في غلاف لا ينظر منه ، ومنه رجل غفل : لا حسب عنده ، لأن ذلك أقرب إلى جهله ، والتغفل : الختل ، أي أخذ الشيء من غير أن يشعرن فقد ظهر أن مقصود السورة وصف الكتاب بعد الحكمة والتفصيل بالإبانة عن جميع المقاصد المنزل لها ؛ وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : هذه السورة من جملة ما قص عليه ( صلى الله عليه وسلم ) من أنباء الرسل وأخبار من تقدمه مما فيه التثبيت الممنوح في قوله سبحانه وتعالى
77 ( ) وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ( ) 7
[ هود : 120 ] ومما وقعت الإحالة عليه في سورة الأنعام - كما تقدم - وإنما أفردت على حدتها ولم تنسق على قصص الرسل مع أنهم في سورة واحدة لمفارقة مضمونها تلك القصص ، ألا ترى أن تلك قصص إرسال من تقدم ذكرهم عليهم الصلاة والسلام وكيفية تلقي قومهم لهم وإهلاك مكذبيهم ، أما هذه القصة فحاصلها فرج بعد شدة وتعريف بحسن عاقبة الصبر ، فإنه تعالى امتحن يعقوب عليه الصلاة والسلام بفقد ابنيه وبصره وشتات بنيه ، وامتحن يوسف عليه الصلاة والسلام بالجب والبيع وامرأة العزيز وفقد الأب والإخوة والسجن ، ثم امتحن جميعهم بشمول الضر وقلة ذات اليد
77 ( ) مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا ( ) 7
[ يوسف : 88 ] ثم تداركهم الله بالفهم وجمع شملهم ورد بصر أبيهم وائتلاف قلوبهم ورفع ما نزع به الشيطان وخلاص يوسف عليه الصلاة والسلام من كيد كاده

الصفحة 7