كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)
صفحة رقم 73
كتابه ، وأمر بها أول كل شيء ؛ وروى أبو نعيم في الحيلة في ترجمة إمامنا الشافعي بسنده إليه ثم إلى علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أنه خطب الناس يوماً فقال في خطببته : وأعجب ما في الإنسان قلبه ، ولو مواد من الحكمة وأضداد من خلافها ، فإن سنح له الرجاء أولهه الطمع .
وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص ، وإن ملكه اليأس قتله الأسف ، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ ، وإن أسعد بالرضى نسي التحفظ وإن ناله الخوف شغله الحزن ، وإن أصابته مصيبة قصمه الجزع ، وإن أفاد مالاً أطغاه الغنى ، وإن عضته فاقة شغله البلاء ، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف ، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف ، وإن أفرط به الشبع كظته البطنة ، فكل تقصير به مضر .
وكل إفراط له مفسد .
قال : فقام إليه رجل ممن كان شهد معه الجمل ، فقال : يا أمير المؤمنين ؟ اخبرنا عن القدرن فقال : بحر عميق فلا تلجه ، فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر ، فقال بيت مظلم فلا تدخله ، فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر ، فقال : سر الله فلا تتكلفه ، فقال : يا أمير المؤمنين اخبرنا عن القدر ، فقال : أما إذا أبيت فإنه أمر بين أمرين ، لا جبر ولا تفويض ، فقال : يا أمير المؤمنين إن فلاناً يقول بالاستطاعة وهو حاضرك ، فقال : عليّ به فأقاموه ، فلما رآه سل من سيفه قدر أربع أصابع فقال : الاستطاعة تملكها مع الله أو من دون الله ؟ وإياك أن تقول أحدهما فترتد فأضرب عنقك فقال : فما أقول يا أمير المؤمنين ؟ قال : قل : أملكها بالله الذي إن شاء ملكنيها .
وسيأتي إن شاء الله تعالى في سورة الحج عند
77 ( ) إن الله يفعل ما يشاء ( ) 7
[ الحج : 17 ] ما يتصل بهذا .
ولما قصر الأمر كله عليه سبحانه ، وجب رد كل أمر إليه ، وقصر النظر عليه ، فقال منبهاً على ذلك : ( عليه ) أي على الله وحده الذي ليس الحكم إلا له ) توكلت ) أي جعلته وكيلي فرضيت بكل ما يفعله ) وعليه ) أي وحده ) فليتوكل المتوكلون ) أي الثابتون في باب التوكل ، فإن ذلك من أعظم الواجبات ، من فعله فاز ، ومن أغفله خاب ، ثم إنه سبحانه صدق يعقوب فيما قال ، مؤكداً لما أشار إلى اعتقاده ، فقال : ( ولما ( وعطفه بالواو يدل على أنهم ما أسرعوا الكرة في هذه المرة خوفاً من أن يقول لهم : لم يفرغ ما عندكم حتى تضطروا إلى الاستبدال به ، والزمان زمان رفق ، لا زمان تبسط ) دخلوا ) أي أخوة يوسف عليه الصلاة والسلام عند وصولكم إلى مصر ) من حيث أمرهم ) أي به ) أبوهم ( من أبواب متفرقة ، قالوا : وكان لمصر أربعة أبواب ) ما كان ( ذلك الدخول ) يغني ) أي يدفع ويجزي ) عنهم من الله ) أي الملك الأعلى الذي لاراد لامره ، وأعرق في النفي فقال : ( من شيء ( كما تقدم من قول يعقوب عليه الصلاة والسلام ) إلا حاجة ) أي شيئاً غير أتم حاجة ) في نفس يعقوب ( وهو الدخول