كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)
صفحة رقم 80
والساقر : الكافر واللعان لغير المستحقين - لكثرة الأذى ، أو الاستحقاق الكون في سقر ، والساقور : الحرو الحديدة يكوى بها الحمار ؛ ومن الأذى بالبرد : القرس - وهو البرد الشديد والبارد ، والقرس - ويحرك : أبرد الصقيع وأكثفه ، والقرس - بالتحريك : الجامد ، وأقرس العود جمد ماءه ، ومنه القريس - لسمك طبخ وترك حتى جمد ، وقرس الماء : جمد ، والبرد : اشتد كقرس كفرح ، وآل قرايس ويقال : نبات قراس - كسحاب : أجبل باردة أو هضاب بناحية السراة ، وقرسنا الماء : بردناه .
إذا تقرر ذلك فتصحيح قول المؤذن ( إنكم لسارقون ) إن نظرإلى الغلبة في خفاء فلا شك أنهم متصفون بذلك لأخذهم يوسف من أبيه عليهما السلام على هذه الحالة ، وإن نظر إلى مطلق الأخذ في خفاء فيكون إطلاق ذلك عليهم مجازاً ، لأن معهم - في حال ندائه لهم وهم سائرون - شيئاً ليس هو لهم هم ذاهبون به في خفاء ، أي أنتم في هذه الحالة فاعلون فعل السارق ، ويقوي إرادة الأول قوله تعالى ) لتنبئهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون ( وقوله تعالى : ( من وجدنا متاعنا عنده ( كما سيأتي .
ولما كان يوسف عليه الصلاة والسلام إنما تمكن من ذلك بعلو درجته وتمكنه ورفعته ، بعد ما كان فيه عندهم من الصغار ، كان ذلك محل عجب ، فقال تعالى - التفاتاً إلى مقام التكلم تقوية للكلام بمقام الغيبة والتكلم ، وزاده إشعاراً بعظمة ، هذا الفعل بصوغه في مظهر العظمة منبهاً لمن قد يغفل : ( نرفع ) أي لنا من العظمة ، وكان الأصل : درجاته ، ولكنه عمم لأنه أدل على العظمة ، فكان أليق بمظهرها ، فقال منبهاً على أنه كان حصل ليوسف عليه الصلاة والسلام من الهضم ما ظن كما ظن أنه لا يرتفع بعده : ( درجات من نشاء ) أي بالعلم .
ولما كان سبب الرفعة هو الأعلمية بالأسباب ، وذلك ان الخلق لو اجتهدوا في خفض أحد فنصبوا له كل سبب علموه وقدروا عليه ، وأراد الله ضد ذلك ، لقيّض بعلمه سبباً واحداً إن شاء فأبطل جميع تلك الأسباب وقضى برفعته ، نبه تعالى على ذلك بقوله : ( وفوق كل ذي علم ) أي من الخلق ) عليم ( عظيم العلم ، لا تكتنه عظمة علمه العقول ، ولا تتخيلها الفهوم ، فهو يسبب من الأسباب ما تطيح له أسباب العلماء وتحير له ألباب العقلاء البصراء ، وهو الله تعالى - كما نقله الرماني عن ابن عباس رضي الله عنهما والحسن وسعيد بن جبيرن فالتنوين للتعظيم .
يوسف : ( 77 - 79 ) قالوا إن يسرق. .. . .
) قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً وَاللَّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ قَالُواْ يأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ