كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)
صفحة رقم 82
الإحسان فأجر في أمرنا على عادة إحسانك ، فكأنه قيل : فما أجابهم ؟ قيل : ( قال معاذ الله ) أي نعوذ بالذي لا مثل معاذاً عظيماً ) أن نأخذ ) أي لأجل هذا الأمر ) إلا من ) أي الشخص الذي ) وجدنا متاعنا عنده ( ولم يقل : سرق متاعنا ، لأنه - كما أنه لم يفعل في الصواع فعل السارق - لم يقع منه قبل ذلك ما يصحح إطلاق الوصف عليه ؛ علل ذلك بقوله : ( إنا إذاً ) أي أخذنا أحداً مكانه ) لظالمون ) أي عريقون في الظلم في دينكم ، فلم تطلبون ما هو ظلم عندكم .
ذكر ما بعد ما سلف من هذه القصة من التوراة قال : وكان القهم - وفي نسخة : الجوع - والإرجاف على جميع وجه الأرض ، ففنح يوسف الأهراء ، وأقبل يبيع المصريين ، واشتد الجوع بأرض مصر ، وأقبل جميع أهل الأرض يأتون للامتياز من يوسف .
فبلغ يعقوب عليه الصلاة والسلام أن بمصر طعام ميرة ، فقال يعقوب عليه السلام لبنيه : لا خوف عليكم ، لأنه قد بلغني أن بمصر ميرة فاهبطوا إلى هناك ، فامتاروا لنا فنحيى ولا نموت .
فهبط بنو يعقوب عليه الصلاة والسلام العشرة ليمتاروا ميرة من مصر ، فأما بنيامين أخو يوسف فلم يرسله يعقوب مع إخوته ، لأنه قال : لعله أن يعرض له عارض ، فأتى بنو إسرائيل ليمتاروا مع الذين كانوا ينطلقون ، لأن الجوع اشتد في أرض كنعان ، وكان يوسف هو المسلط على الأرض ، وكان يميز جميع شعب الأرض ، فأتى إخوة يوسف عليه الصلاة والسلام فخروا له سجداً على الأرض ، فرأى يوسف إخوته فأثبتهم وتناكر عليهم وكلمهم بفظاظة وقساوة ، وقال لهم : من أين أنتم ؟ فقالوا : أتينا من أرض كنعان لنمتاز ميرة ، فذكر يوسف عليه الصلاة والسلام الرؤيا التي قصها عليهم وقال لهم : إنكم جواسيس ، وإنما أتيتم لتفحصوا وتطلعوا الأرض .
فقالوا : كلا يا سيدنا إن عبيدك إنما أتوا ليمتاروا ، نحن أجمعون بنو رجل واحد ، ونحن أبرياء ، وليس عبيدك بطلائع ، فقال لهم يوسف : ليس الأمر كما تقولون ، بل إنما أتيتم لتجسسوا أرضناز فقالوا له : نحن اثنا عشر رجلاً إخوة عبيدك بنو رجل واحد بأرض كنعان ، والآخر هو عند أبينا يومنا هذا ، والآخر فقدناه ، فقال لهم يوسف : إني إنما قلت لكم : إنكم جواسيس ، من أجل هذا بهذه تمتحنون ، وحق فرعون لا أخرجنكم من هاهنا حتى يأتي أخوكم الأصغر إلى هاهنا .
فنفحص عن أقاويلكم إن كنتم نطقتم بالحق والقسط ، وإلا وحق فرعون إنكم طلائع ، فقذفهم عن أقاويلكم إن كنتم نطقتم بالحق والقسط ، وإلا وحق فرعون إنكم طلائع ، فقذفهم في الحبس ثلاثة أيام ، ودعا بهم