كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)
صفحة رقم 84
فاشتد الجوع على الأرض ، ما أكلوا الذي أتوا به من مصر وأفنوه قال لهم يعقوب أبوهم عليه السلام : اهبوط فامتاروا لنا شيئاً من قمح ، فقال له يهوذا : إن الرجل أنذرنا وتقدم إلينا وقال : لا تعاينوا وجهي إلا وأخوكم معكم ، فإن أنت أرسلت أخانا معنا فإنا نهبط فنمتاز ، وإن لم تبعثه لم ننطلق ، فقال لهم أبوهم : ولم أسأتم إلي فأخبرتم الرجل أن لكم أخاً ؟ فقالوا : الرجل سأل عنا وعن رهطنا وقال : إن أباكم في الحياة بعد ؟ وهل لكم أخ ؟ فأخبرناه من أجل هذا الكلام ، أكنا نعلم أنه يقول : اهبوط معكم بأخيكم ؟ وقال يهوذا لإسرائيل أبيه : سرح الغلام فننطلق فنحيى ولا نموت نحن وأنت أيضاً وحشمنا ، أنا أكفل به .
فإن لم آتك به فأقيمه بين يديك فأنا مخطىء بين يدي أبي جميع الأيام .
فقال أبوهم إسرائيل : إذا كان الأمر هكذا فافعلوا ما آمركم به : احملوا في أوعيتكم من ثمار هذه الأرض شيئاً من صنوبر وعسل وعلك البطم وخروب وحب السرو وبطم ولوز ، وخذوا من الورق ضعف الذي في أوعيتكم ، لعل ذلك أن يكون وهماً منهم ، وانطلقوا بأخيكم إلى الرجل ، وارجعوا إليّ كلكم ، وإله المواعيد يظفركم من الرجل برحمة ورأفة ، فيرسل بأخيكم الآخر معكم بنيامين أيضاً ، فأخذ القوم هذه الهدية وضعفاً من الفضة ، وانطلقوا معهم ببنيامين وأتوا يوسف فوقفوا بين يديه .
فرأى يوسف بنيامين معهم فقال لحاجبه : أدخل القوم إلى المنزل ، واذبح ذبيحاً ، وهيىء الغذاء ، لأن القوم يتغدون معي ظهراً ، ففعل العبد كما أمره يوسف عليه السلام ، وأدخل القوم إلى منزل يوسف عليه السلام وقالوا : إنهم إنما يدخلوننا لسبب الورق الذي وجدنا في أعدالنا من قبل ، فيريدون أن يتطاولوا علينا ويمكروا بنا ، فيجعلونا عبيداً ودوابنا ملكاً ، فدنوا من الرجل حاجب - وفي نسخة : خازن - يوسف عليه السلام .
فكلموه على باب المنزل ، وقالوا له : إنا نطلب إليك يا سيدنا أنا هبطنا أولاً إلى هاهنا فامترنا قمحاً ، فلما طلعنا وصرنا في البيت إذا نحن بورق كل واحد منا في عدله ، فقد رددنا أوراقنا بوزنها معنا وأتينا معها بأوراق أخر لنمتار بها ، ولا نعلم من الذي صيّر أوراقنا في أوعيتنا ؟ فقال لهم : السلام لكن ، لا تخافوا ولا تستوفضوا ، إلهكم إله المواعيد إله أبيكم ذخر لكم هذه الذخيرة في أوعيتكم ، لأن ورقكم قد صار في قبضتي ، وأخرج إليهم شمعون ، فأدخل العبد القوم إلى منزل يوسف عليه السلام ، وأتاهم بماء فغسلوا أيديهم وأقدامهم ، وألقى قضمياً لدوابهم ، فأعد القوم هديتهم قبل دخول يوسف عليه السلام وقت القائلة لأنه بلغهم أن غداءهم يكون هناك ، فدخل يوسف إلى منزله ، فأدخلوا هديتهم فوضعوها بين يديه في منزله ، وخروا له سجداً على الأرض ، فسألهم