كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)
صفحة رقم 85
عن سلامتهم وقال : أسالم هو ؟ أبوكم الذي أخرتموني عنه أنه الحياة هو بعد ؟ فقالوا : إن أبانا عبدك سالم ، ثم جثوا فسجدوا فرفع بصره فأبصر بنيامين أخاه ابن أمه فقال لهم : هذا أخوكم الذي أخبرتموني عنه ؟ فقالوا : نعم ؟ فقال له : الله يترأف عليكم يابني ، فاستعجل يوسف عليه السلام لأنه رق له وتحنن عليه فأراد البكاءن فدخل إلى مكانه فبكى هناك ، ثم غسل وجهه وخرج فصبر نفسه ، فأمر أن يأتوهم بالغداء ، فوضعوا بين يديه وحده ، وقربوا إليهم وحدهم ، لأنه لا يستطيع أهل مصر أن يأكلوا مع العبرانيين ، لأن هذه نجاسة عند المصريينن فأمر فاتكأ الأكبر على قدر سنه والأصغر على قدر سنه ، فتعجب القوم ومكثوا محيرين مشدوهين ، فأعطى كل واحد منهم من بين يديه جزءاً ، وأعطى بنيامين أكثر منهم : خمسة أنصبة ، فشربوا .
فأمر خازنه وقال له : أقر أوعية القوم من البر ما أمكنهم حمله ، وصير ورق كل امرىء منهم على طرف وعائه ، وخذ طاسي طاس الفضة وصيره في وعاء الأصغر مع ورق ميرته ، ففعل العبد كما أمر يوسف عليه السلام ، فلما كان من الغد سرح القوم لينطلقوا هم وحميرهم ، فخرجوا من القرية ، وقبل أن يخرجوا منها قال يوسف لخازنه : قم فامض في طلب القوم وألحقهم وقل لهم : لم كافيتم الشر بدل الخير ، فأخذتم الطاس الذي يشرب فيه سيدي ويعتاف فيه اعتيافاً ، فأسأتم فيما جاء منكم ، فلحقهم وقال لهم هذه الأقاويل ، فقالوا له : لا تقولنى يا سيدنا هذه الأقاويل ، معاذ الله أن يفعل عبيدك هذه الفعال نحن رددنا أوراقنا التي وجدنا في أوعيتنا من أرض كنعان ، فكيف نسرق من بيت سيدك ذهباً أو فضة ، من وجد عنده من عبيدك فليمت ونكن نحن عبيداً لسيدنا قال لهم : هو على ما تقولون ، من وجد عنده من عبيدك فليمت ونكن نحن عبيداً تكونين فلحين طاهن ، فاستعجل كل منهم وعاءه ، ففتشوا ابتداء بالأكبر وانتهاء إلى الأصغر ، فوجدوا الطاس في وعاء بنيامين ، فمزقوا ثيابهم وخرقوها .
وحمل كل امرىء منهم وعاءه على حماره ، ورجعوا إلى القرية ، فدخل يهوذا وإخوته على يوسف وكان في منزله بعد ، فخرجوا بين يديه على الأرض ، فقال لهم يوسف : ما هذا الفعل الذي جاء منكم ؟ أما تعلمون أن رجلاً مثلي يعتاف - وفي نسخة : يمتحن - بكأس اعتيافاً ؟ لم تتعدون عليه وتأخذونه ؟ فقال يهوذا : بماذا نكلم سيدنا وبماذا ننطق وبماذا نفلح - وفي نسخة : نحتج - من عند الله نزلت هذه الخطيئة بعبيدك ، هو ذا نحن عبيد لسيدنا نحن ومن أصيب الكأس عنده ، فقال : معاذ الله أن أفعل هذا بل الرجل الذي وجد الكأس عنده يكون لي عبداً ، وأنتم فاصعدوا بسلام إلى أبيكم .
فدنا منه يهوذا فقال : أنا أطلب إليك يا سيدي أن تأذن لعبدك بالكلام بين يديك ،